من هم المصلين؟ ومن هم غير المصلين؟

2024-04-02 02:07
من هم المصلين؟ ومن هم غير المصلين؟
شبوه برس - خـاص - الرياض

 

اختلفت المفاهيم حول دلالة الصلاة، وحصرها البعض في الصلوات الخمس المفروضة فقط، والتي تتميز بالقيام والتوجه للقبلة والركوع والسجود، بينما حقيقة الصلاة تشمل صلوات مضافة للصلوات الخمس المفروضة، وهي جزء أساسي في دين الإسلام والإيمان بالله، فقد كتبت الصلاة على كل ملل دين الإسلام (اليهودية والنصرانية والملة الخاتم الحنيفية).

 

وللإجابة على السؤال العنوان يستلزم منا الإجابة على السؤال الأساس، أين نجد دين الله الحق؟

والجواب نجده في الحقيقة المطلقة، التي بها معرفة كل شيئ "كتاب الله" فالله هو الحق، وقوله الحق، في وحي كتابه المحفوظ، فيه تفصيل وبيان وتبيان دينه الحق، والكثيرون منا لا يعرفون أن الله فَصّلَ وبَيّنَ كلمات ومواضيع وحي كتابه، وطلب منا لمعرفة ذلك ترتيل كتابه، وتعقله، وتدبره، وإدكاره، فقد تم ترتيل الجذر "صلو" حوالي 99 مرة في كتاب وحي الله.

ويمكن تحديد أنوع الصلاة من خلال هذا الترتيل والذي يعني وضع كلمات ومواضيع المصحف في نسق مرتب متتالي وفقا لورودها في الآيات والسور، وبهذا نجد تفصيل وبيان وتبيان دين الله في كتاب وحيه كما أراد الله، ومن خلال هذا الترتيل نجد أنواع للصلاة كما يلي:

1- الصلاة المفروضة في أوقاتها الخمسة.

﴿ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ٣﴾ [البقرة: 3]

﴿وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱرۡكَعُواْ مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ٤٣﴾ [البقرة: 43]

﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ٢٣٨﴾ [البقرة: 238]

﴿قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا بَيۡعٞ فِيهِ وَلَا خِلَٰلٌ٣١﴾ [إبراهيم: 31]

2- صلاة من الله وملائكته على النبي.

﴿إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّۚ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا٥٦﴾ [الأحزاب: 56].

3- صلاة من الله وملائكته على جميع المؤمنين وليس الآل والأصحاب فقط.

﴿هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيۡكُمۡ وَمَلَٰٓئِكَتُهُۥ لِيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَكَانَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَحِيمٗا٤٣﴾ [الأحزاب: 43].

4- صلاة رب العزة على المؤمنين الصابرين.

﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ١٥٣ وَلَا تَقُولُواْ لِمَن يُقۡتَلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتُۢۚ بَلۡ أَحۡيَآءٞ وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ١٥٤ وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ١٥٥ ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ١٥٦ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ١٥٧﴾ [البقرة: 153-157]

5- صلاة النبي على المؤمنين.

﴿خُذۡ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيۡهِمۡۖ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنٞ لَّهُمۡۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ١٠٣﴾ [التوبة: 103]

 

6- صلاة رب العزة على المؤمنين الصابرين.

﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ١٥٣ وَلَا تَقُولُواْ لِمَن يُقۡتَلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتُۢۚ بَلۡ أَحۡيَآءٞ وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ١٥٤ وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ١٥٥ ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ١٥٦ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ١٥٧﴾ [البقرة: 153-157]

7- صلاة المؤمنين على النبي.

﴿إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّۚ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا٥٦﴾ [الأحزاب: 56].

8- صلاة الصِلة الإنسانية بين المؤمنين مع بعضهم ومع غير المؤمنين.

ونجد تفصيلها في الآيات من ١٩حتى ٣٥ من سورة المعارج والآيات من ٣٨حتى ٤٣ من سورة المدثر، والآيات من 1 حتى 4 من سورة الماعون.

9- صلاة وصِلة الدعاء.

﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ٦٠﴾ [غافر: 60]

﴿لَهُۥ دَعۡوَةُ ٱلۡحَقِّۚ وَٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا يَسۡتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيۡءٍ إِلَّا كَبَٰسِطِ كَفَّيۡهِ إِلَى ٱلۡمَآءِ لِيَبۡلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَٰلِغِهِۦۚ وَمَا دُعَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ١٤﴾ [الرعد: 14]

﴿رَبِّ ٱجۡعَلۡنِي مُقِيمَ ٱلصَّلَوٰةِ وَمِن ذُرِّيَّتِيۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلۡ دُعَآءِ٤٠﴾ [إبراهيم: 40]

 

المصلين وصفاتهم.

فالمصلين هم الذين يؤدون كل الصلوات التي امر الله بها، وفي كتاب وحي الله نجد تفصيل وبيان وتبيان المصلين، وكثيرون منا لا يعرفون من هم المصلين، ولا يعرفون أوصافهم وصفاتهم، لأنهم يعتقدون أن المصلين فقط هم الذين يتوجهون للمساجد ويزاحمون على الصفوف الأولى، لكننا نجد في كتاب الله أن الصلاة لا تقتصر على صلاة الفروض الخمسة فقط، والتي تمثل صِلة المؤمن بالله وصَلاته له سبحانه، والتي وضعها الله الصفة التاسعة في صفات المصلين، ونجد في تفصيل وتبيان الصلاة في كتاب وحي الله، أن هناك صَلاة الصِلَة، التي تحدد العلاقة بين المؤمن والناس كل الناس، المؤمنين منهم وغير المؤمنين، وهذا منهج كتاب وحي الله، الذي لم يفرط الله به من شيئ، وبه تفصيل كل شيئ، وبه بيان وتبيان دينه، كل ذلك نجده في الآيات من ١٩-حتى ٣٥ من سورة المعارج بقوله سبحانه:

﴿۞ إِنَّ ٱلۡإِنسَـٰنَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعࣰا * وَإِذَا مَسَّهُ ٱلۡخَیۡرُ مَنُوعًا * إِلَّا ٱلۡمُصَلِّینَ * ٱلَّذِینَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ دَاۤىِٕمُونَ * وَٱلَّذِینَ فِیۤ أَمۡوَ ٰ⁠لِهِمۡ حَقࣱّ مَّعۡلُومࣱ * لِّلسَّاۤىِٕلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ * وَٱلَّذِینَ یُصَدِّقُونَ بِیَوۡمِ ٱلدِّینِ * وَٱلَّذِینَ هُم مِّنۡ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشۡفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمۡ غَیۡرُ مَأۡمُونࣲ * وَٱلَّذِینَ هُمۡ لِفُرُوجِهِمۡ حَـٰفِظُونَ * إِلَّا عَلَىٰۤ أَزۡوَ ٰ⁠جِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُهُمۡ فَإِنَّهُمۡ غَیۡرُ مَلُومِینَ * فَمَنِ ٱبۡتَغَىٰ وَرَاۤءَ ذَ ٰ⁠لِكَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡعَادُونَ * وَٱلَّذِینَ هُمۡ لِأَمَـٰنَـٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَ ٰ⁠عُونَ * وَٱلَّذِینَ هُم بِشَهَـٰدَ ٰ⁠تِهِمۡ قَاۤىِٕمُونَ * وَٱلَّذِینَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ یُحَافِظُونَ * أُو۟لَـٰۤىِٕكَ فِی جَنَّـٰتࣲ مُّكۡرَمُونَ ﴾ [المعارج ١٩-٣٥]

هذه الآيات تُبَيّن وتُفصّل لنا حقيقتان، الأولى من هم المصلون، وما هي صفاتهم وأوصافهم، والثانية تبين لنا أن هناك نوعين من الصلوات، صلاة مطلوب من المصلين المداومة عليها، وصلاة مطلوب من المصلين المحافظة عليها.

أولاً: صفات المصلين وأوصافهم:

١- الذين على صلاتهم دائمون

﴿ٱلَّذِینَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ دَاۤىِٕمُونَ﴾،

٢- الذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم.

﴿وَٱلَّذِینَ فِیۤ أَمۡوَ ٰ⁠لِهِمۡ حَقࣱّ مَّعۡلُومࣱ * لِّلسَّاۤىِٕلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ﴾.

٣- الذين يصدقون بيوم الدين.

﴿وَٱلَّذِینَ یُصَدِّقُونَ بِیَوۡمِ ٱلدِّینِ﴾.

٤- الذين هم من عذاب ربهم مشفقون.

﴿وَٱلَّذِینَ هُم مِّنۡ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشۡفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمۡ غَیۡرُ مَأۡمُونࣲ﴾.

٥- الذين هم لفروجهم حافظون.

﴿وَٱلَّذِینَ هُمۡ لِفُرُوجِهِمۡ حَـٰفِظُونَ * إِلَّا عَلَىٰۤ أَزۡوَ ٰ⁠جِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُهُمۡ فَإِنَّهُمۡ غَیۡرُ مَلُومِینَ * فَمَنِ ٱبۡتَغَىٰ وَرَاۤءَ ذَ ٰ⁠لِكَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡعَادُونَ﴾.

٦- الذين هم لأماناتهم راعون.

﴿وَٱلَّذِینَ هُمۡ لِأَمَـٰنَـٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَ ٰ⁠عُونَ﴾.

٧- الذين هم لعهدهم رعون.

﴿وَٱلَّذِینَ هُمۡ لِأَمَـٰنَـٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَ ٰ⁠عُونَ﴾.

٨- الذين هم بشهاداتهم قائمون.

﴿وَٱلَّذِینَ هُم بِشَهَـٰدَ ٰ⁠تِهِمۡ قَاۤىِٕمُونَ﴾

٩- الذين هم على صلاتهم يحافظون.

(وَٱلَّذِینَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ یُحَافِظُونَ)

ثانياً: صلاة مطلوب المداومة عليها وصلاة مطلوب المحافظة عليها.

بيّنت لنا وفصّلت الآيات السابقة أوصاف وصفات المصلين، وقد حددها الله في تسع صفات، فيها صفتان مكررتان للصلاة، الأولى في الترتيب تتحدث عن الذين هم على صلاتهم دائمون، والأخيرة في الترتيب تتحدث عن الذين هم على صلاتهم يحافظون، أي هناك صلاتان، صلاة يجب المداومة عليها، وهي الصفة الأولى للمصلين، وصلاة يجب المحافظة عليها وهي الصفة الأخيرة من صفات المصلين، فما الفرق بينهما؟

الصلاة المطلوب المداومة عليها، هي صلاة الصِلَة الدائمة بالله وخلقه، والتي أوجب الله علينا أن نكون على الدوام نقوم على مراقبة كل أفعالنا وأقوالنا وأعمالنا وتعاملاتنا، فهي مسجلة علينا، وستشهد فيها علينا جوارحنا، فهي تستوجب منا وعلى الدوام اتباع منهج دين الله، وحكمه، وتشريعاته، وقيمه، وأوامره ونواهيه، وهذا المنهج بيّنه الله وفصّله بكتاب وحيه، ولأنها مهمة لتطبيق دين الله، وبناء المجتمع المؤمن، والمجتمع الإنساني، وضعها الله في المرتبة الأولى، من صفات المصلين، لأن أدائها مرتبط بخلق الله جميعاً، تأكيداً على أهمية صلة الإنسان بأخيه الإنسان، لبناء المجتمع الإسلامي، المحكوم بالأخوة الإيمانية والأخوة الإنسانية.

بينما الصلاة المطلوب المحافظة عليها، والتي هي صلة الإنسان العابد المباشرة بخالقه وإلهه الله سبحانه، هي الصلوات المكتوبة بفروضها الخمسة، والتي يجب على المسلمين المؤمنين المحافظة عليها بأوقاتها المكتوبة، يقول سبحانه: ﴿فَإِذَا قَضَيۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمۡۚ فَإِذَا ٱطۡمَأۡنَنتُمۡ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَۚ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ كَانَتۡ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ كِتَٰبٗا مَّوۡقُوتٗا١٠٣﴾ [النساء: 103]

والصلوات الخمس المفروضة في وحي كتاب الله مرتبطة بالإقامة، من فعل "أقم" ومشتقاته، تمييزاً لها عن صلاة الصِلَة بين المؤمن والناس، وصلاة الدعاء، ولأنها صلة فردية بين الله وعباده، جعلها الله الصفة الأخيرة، لأن تأثيرها وعائدها يعود على الإنسان العابد وحده.

والصلاة بنوعيها صلاة الصِلَة، وصلاة الإقامة، قبولها عند الله مرتبط بتحقيقها لمنظومة القيم التسعة، في أوصاف المصلين ونهيها عن الفحشاء والمنكر كما وصف الله، يقول سبحانه ﴿ٱتۡلُ مَاۤ أُوحِیَ إِلَیۡكَ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَاۤءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ مَا تَصۡنَعُونَ﴾ [العنكبوت ٤٥]. وهدف الصلاة بأنواعها بناء مجتمع الأخوة الإسلامية والإنسانية، الذي أسس نموذجه النبي الخاتم في دولة المدينة، ومجتمعها المدني، القائم على المواطنة وتكريم الإنسان، دون النظر لمعتقده وجنسه، وهو النموذج المدني الوحيد الذي تحقق في تاريخ الإنسانية.

الغير مصلين وصفاتهم.

وفي المقابل بَيَّنَ وفَصَّلَ كتاب وحي الله الحق، أوصاف ومصير المجرمين، الغير مصلين، بأنه سقر في جهنم، كونهم لم يقيموا صِلَتِهم بالله وصَلاَتهم له، ولم يمارسوا صِلَتِهم بعباده وخلقه كما أمرهم الله، وفَصّل سبحانه صفات وأوصاف الغير مُصَلِّين بما يلي:

١- عديمي الصلة بالله ساهون عنها.

٢- عديمي الصلة بخلق الله ساهون عنها.

٣- مكذبين بيوم الدين.

٤- لا يطعمون المسكين.

٥- يخوضون مع الخائضين، في التجديف بحق الله، والوجود الكوني والإنساني، وبحق خلقه في كل ما يسيء إليهم.

٦- يَدُعُونَ اليتيم.

٧- لا يحضون على طعام المسكين.

٨- يمارسون الرياء.

٩- يمنعون الماعون.

وهذا بَيّنه وفَصّله الله سبحانه في سورتي المدثر والماعون بقوله سبحانه:

﴿كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ رَهِينَةٌ * إِلَّآ أَصۡحَٰبَ ٱلۡيَمِينِ * فِي جَنَّٰتٖ يَتَسَآءَلُونَ * عَنِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمۡ فِي سَقَرَ * قَالُواْ لَمۡ نَكُ مِنَ ٱلۡمُصَلِّينَ * وَلَمۡ نَكُ نُطۡعِمُ ٱلۡمِسۡكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ ٱلۡخَآئِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوۡمِ ٱلدِّينِ ﴾ [المدثر ٣٨- ٤٣]

﴿أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ * فَذَٰلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلۡيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِينِ * فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ * ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ * ٱلَّذِينَ هُمۡ يُرَآءُونَ * وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ﴾ [الماعون ١-٤].

هي تسع صفات للمصلين، وتسع لغير المصلين، تحدد صفات الصلة والتواصل بين الناس وربهم وبعضهم.

هذا دين الله الحقّ، فَصّله وبَيّنه ويسره سبحانه، في محكم كتاب وحيه، للإدكار والتدبر يقول سبحانه:

﴿وَلَقَدۡ یَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرࣲ﴾ [القمر ١٧]

﴿أَفَلَا یَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَیۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُوا۟ فِیهِ ٱخۡتِلَـٰفࣰا كَثِیرࣰا﴾ [النساء ٨٢]

﴿أَفَلَا یَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَاۤ﴾ [محمد ٢٤]

فهل من مدكر متدبر لكتاب الله امتثالاً لقول الله.

جمعتكم تدبر وادكار، وممارسة للصلاة، وفق منهج وحي الله، صِلة بالله، وصِلة بخلقه.

د عبده سعيد المغلس

٢٩-٣-٢٠٢٤