تهامة: الانتصار يبدأ بتحصين المجتمع بالوعي والحق التاريخي

2024-06-19 16:22
تهامة: الانتصار يبدأ بتحصين المجتمع بالوعي والحق التاريخي
شبوه برس - خـاص - عــدن - المخا

 

*- شبوة برس -  عبدالمجيد زبح 

إن قضية تهامة تعتبر من أهم القضايا الوطنية في اليمن، فهي ليست مجرد قضية محلية أو إقليمية، بل هي قضية هوية وأرض وإنسان يعاني من ظلم تاريخي يمتد لأكثر من مائة عام. 

ولكي نحقق الانتصار ك تهاميين لقضيتنا، يجب أن نبدأ بتحصين وتقوية البنية المجتمعية للتهاميين ورفع الوعي لديهم بشأن عدالة قضيتهم. وهذا الوعي هو السلاح الأقوى لمواجهة التحديات التي فرضتها السياسات الزيدية، التي عملت على جعل التهاميين أسرى لأماني ووعود زائفة لم تنفذ على أرض الواقع.

 

لقد تعرض الإنسان التهامي لظلم ممنهج جعله غريبًا في أرضه، فقيرًا فوق أغنى أراض. هذا الظلم لم يكن فقط اقتصاديًا، بل كان أيضًا سياسيًا واجتماعيًا، حيث سعت القوى المهيمنة إلى تهميش التهاميين وجعلهم يعيشون على أمل وعود سياسية غير قابلة للتنفيذ. فالمجتمع التهامي المعروف بسماته الحميدة وسماحته، يجد نفسه غير قادر على تحقيق حقوقه عبر تلك الصفات وحدها، لأنها لا تجدي في التعامل مع قضايا مصيرية تتعلق بالهوية والوجود.

 

فالقضية التهامية اليوم لا تحتاج إلى مزيد من التعريف، فالعالم والإقليم يدركان أبعادها جيدًا. وما تحتاجه تهامة هو وعي مجتمعي حقيقي ومخلص يضع مصلحة الأرض والإنسان في المقدمة. هذا الوعي يجب أن يتبلور في رؤية توحد الجهود وتنبذ أي مصالح أخرى، جاعلة من مصلحة تهامة الأولوية القصوى.

 

ومن الضروري أن يدرك التهاميون حقوقهم المغتصبة وأن يعملوا على استعادتها. لقد أدى التحايل السياسي والتلاعب الإعلامي إلى تغييب القضية التهامية عن الأولويات الوطنية. ولذلك تعمل القوى السياسية جعل قضية تهامة قضية ثانوية وغير مستعدة حتى لمناقشتها بجدية. هذه القوى تعمل على تخدير السياسي التهامي بوعود مستقبلية غير قابلة للتحقيق، مما يجعله يقع في فخ هذه الوعود مرارًا وتكرارًا منذ عام 1962 وحتى اليوم.

 

ولتغيير هذا الواقع المرير، نحتاج إلى غرس ولاء حقيقي لدى التهاميين لقضيتهم، بحيث تكون تهامة عندهم أهم من أي ولاء حزبي أو شخصي. هذا يتطلب من السياسي التهامي المتحزب وغير المتحزب أن يتجرد من انتماءاته الحزبية ويضع تهامة فوق كل شيء. لا يعني هذا أن الحزبية عيب، ولكن إذا كانت الأحزاب أو القوى السياسية التي ينتمي إليها السياسي التهامي لا تضع قضية تهامة في أولوياتها، فإن هذه الأحزاب لا تعنيه ويجب عليه البحث عن تحالفات جديدة تكون أكثر التزامًا بقضية تهامة.

 

وكذلك يحتاج السياسي التهامي إلى فن إدارة المرحلة والتعامل مع المعطيات الدولية والواقع الإقليمي بذكاء وحكمة. وعليه أن يتبنى رؤية تتناسب مع سياسات الإقليم وأهدافه الواضحة، وأن يكون قادرًا على بناء تحالفات داخلية تتناسب مع متطلبات المرحلة الحالية. إن تهامة هي الحلقة الأضعف في المشهد السياسي اليمني، لكنها في الوقت ذاته هي الملف الأقوى والأسرع استحقاقًا للإنصاف. هذه التناقضات تجتمع في تهامة كما يجتمع نقيضا الغنى في الأرض وفقر الإنسان التهامي.

 

التحايل السياسي والإعلامي الذي تمارسه الأطراف الأخرى يجعل من قضية تهامة قضية ثانوية، ولكن في الواقع، هي قضية جوهرية تحتاج إلى اهتمام ووعي مجتمعي وسياسي حقيقي. يجب على السياسيين التهاميين أن يتعاملوا مع هذا الواقع بجدية، وأن يعملوا على وضع تهامة في صدارة الأولويات الوطنية.

 

وعلينا تركيز الجهد على غرس الولاء الحقيقي لدى التهاميين لتهامة، وتحريرهم من الأوهام والوعود الكاذبة. يجب أن يدركوا أن قوتهم تكمن في وحدتهم وإصرارهم على حقوقهم المشروعة. كما يجب على السياسيين التهاميين أن يكونوا قادرين على التعامل بذكاء وحكمة مع التحالفات الداخلية والخارجية، وضمان أن تكون مصلحة تهامة فوق كل اعتبار.

 

 تهامة يجب أن تكون في صدارة الأولويات الوطنية والإقليمية. ويجب على القوى السياسية أن تعي حجم الظلم الذي عانت منه تهامة، والعمل بجدية على رفع هذا الظلم، وإعادة الحقوق لأصحابها.