تهامة: غنى الأرض وفقر الإنسان تحت سطوة الزيدية

2024-08-05 20:48
تهامة: غنى الأرض وفقر الإنسان تحت سطوة الزيدية
شبوه برس - خـاص - عــدن - المخا

 

*- شبوة برس - عبدالمجيد زبح 

يعيش أبناء تهامة في ظروف مأساوية، رغم أن المنطقة تمتلك كل مقومات النجاح والازدهار. تهامة، الأرض الخصبة التي تمتد على ساحل البحر الأحمر، من حدودها الشمالية في ميدي إلى حدودها الجنوبية المطلة على باب المندب، تمتلك ثروات طبيعية هائلة. ومع ذلك، فإن الواقع البائس هو أن أبناء تهامة يعيشون في فقر مدقع ويفتقدون لأبسط مقومات الحياة الكريمة.

 

كيف يمكن لأبناء تهامة أن يعيشوا في ظلام دامس، بينما محطة الكهرباء في تهامة كانت من أهم المحطات الحيوية التي تغذي اليمن بأكملها؟ لماذا يستخدم أبناء تهامة الفوانيس وكأنهم في العصور الحجرية، في حين تستفيد بقية مناطق اليمن من كهرباء تهامة؟ هذه المفارقة الصارخة تعكس عمق الظلم والإقصاء الذي يعاني منه التهاميون. لماذا يُحرم أبناء تهامة من هذا الحق الأساسي، وكأنهم مواطنون من الدرجة الثالثة والرابعة؟

 

يتساءل الكثيرون: لماذا يعاني التهاميون من هذا الإقصاء المتعمد؟ لماذا تُمارس ضدهم كافة أشكال التمييز والظلم؟ لماذا يُحرمون من التعليم والخدمات الأساسية؟ حتى السياسي التهامي الموالي للقوى المهيمنة يواجه العنصرية والإقصاء. كلما حاول التهامي اللجوء للقانون للدفاع عن حقوقه، يُواجه بعنجهية القبلية وأساليب الإقصاء المتنوعة. لماذا يتحول التهامي إلى مواطن من الدرجة الخامسة، يُعامل بازدراء وسخرية عندما يطالب بحقوقه، بينما تتطاول مباني الهضبة الزيدية من خير تهامة ومواردها؟

 

الظلم التاريخي الذي تعرض له التهاميون يحتاج إلى كتب ودراسات لتوثيقه وتحليله. فتهامة تعرضت ولا تزال تتعرض لأبشع أنواع الظلم والإقصاء. وحتى في الوقت الذي تعيش فيه اليمن معركة وطنية، يُستبعد التهاميون من المغانم ويُستدعون عند المغارم. لماذا لا يُقبل التهامي شريكاً في الوطن؟ ما الذي ينقصه ليكن مؤهلاً لشراكة وطنية عادلة؟ لماذا يُعامل التهامي كمواطن من الدرجة الثالثة والرابعة؟ لماذا يُحرم التهامي وأولاده من المنح الدراسية ومن الوظائف الإدارية والثروة؟ أليس من المفترض أن يكون التهامي صاحب الكلمة الأولى في أرضه؟

 

كيف يمكن للتهاميين أن يقبلوا بهذا الخنوع؟ لماذا لا يستفيدون من تجارب أخرى، مثل الحضارم الذين توحدت كلمتهم؟ لماذا يتوجب على التهامي أن يخدم الحزب، بينما الحزب لا يخدمه ولا يخدم تهامة؟ لماذا تستهان بوجود التهامي كإنسان؟ لماذا لا ينظر إليه كإنسان له حق في أرضه؟

 

اليوم، نحن بحاجة إلى وعي داخلي أكبر في تهامة. هناك قصور كبير من نخب ومثقفي تهامة في شرح مظلوميتهم بشكل صحيح ووفق رؤية واضحة. القضايا العادلة تنتصر ولو بعد قرون، وتهامة منذ بداية القرن العشرين وهي ترزح تحت الاحتلال الزيدي. كل المحاولات لنيل الحرية تفتقر إلى رؤى واضحة ومتكاملة. العالم يتعامل مع رؤى متكاملة، ومهما كانت المظلوميات وحجمها، إذا لم تكن واضحة ومكتوبة، تظل هامشية.

 

نحن بحاجة إلى تغيير المعادلة. تغيير المعادلة يحتاج إلى تخطيط وعمل برؤية وإجماع تهامي خالص. العالم سيتعامل معنا وسيأتي إلينا عندما يجد منا تحديداً واضحاً لما نريد بخطى مدروسة. تهامة غنية بكوادرها التي رغم ما مورس عليها استطاعت أن تكون مؤهلة.

 

مشروع النضال يحتاج إلى التفاف الجميع. لا يمكن بعد الآن قبول أن تكون كل القوى السياسية حريصة على تقاسم تهامة، بينما التهامي يتفرج على حقه وحقوقه بيد الغير وهو عاجز. يجب أن نغادر مربع العجز والتبعية الشخصية، وأن نعمل جميعاً من أجل تهامة ومستقبلها. فالوقت قد حان لتوحيد الصفوف والوقوف معاً ضد الظلم والإقصاء، لنعيد لتهامة وأبنائها حقوقهم وكرامتهم.

 

إن تهامة، بثرواتها ومواردها الطبيعية، يمكن أن تتحول إلى مركز اقتصادي وتجاري مزدهر. ولكن ذلك لن يتحقق إلا إذا نهض أبناؤها ودافعوا عن حقوقهم. التغيير لن يأتي من الخارج، بل ينبع من الداخل. على أبناء تهامة أن يتوحدوا ويعملوا معاً من أجل تحقيق العدالة والازدهار لمنطقتهم. القضية التهامية ليست مجرد قضية محلية، بل هي قضية إنسانية تستحق الدعم والاهتمام الدولي.

 

لماذا يستمر الظلم؟ لماذا لا يقفون معاً لتغيير واقعهم؟ لماذا لا يكون التهاميون هم الحاكمين في أرضهم؟ الأرض أرضهم، والخيرات خيراتهم، فلماذا لا يأخذون حقهم بيدهم؟ حان الوقت لتغيير المعادلة، حان الوقت للوقوف ضد الظلم والإقصاء، حان الوقت لتحققوا العدالة والكرامة لأبناء تهامة.

 

#ملاحظة: الصورة من تهامة قبل يومين بعد المطر. هذا هو حال صاحب الأرض؛ العشة سقطت عليه وسينامون في العراء، وهم يملكون أغنى الأرض.