الاخوان المسلمين يدمرون تاريخ الحضارة المصرية

2013-08-31 04:19
الاخوان المسلمين يدمرون تاريخ الحضارة المصرية
شبوة برس - متابعات

حين تدفع آثارات البلاد ثمن الثورات .. متحف ملوي المصري خاوي من كل مقتنياته

لم تسلم الآثارات المصرية من تبعات الصراع السياسي على خلفية الثورة الأخيرة التي عزلت الرئيسي المصري محمد مرسي، وها هي قاعة متحف ملوي جنوب محافظة المنيا المصرية مليئة إلا من بقايا مومياء هنا وهناك بعد ان تعرضت القطع الأثرية، التي يفوق عددها الألف قطعة كانت تزين زواياه، للسرقة والنهب والتخريب.

 المنيا- (مصر): يقف مجدي تهامي بين عدد من الموظفين الاخرين في احدى قاعات متحف ملوي جنوب محافظة المنيا المصرية، يعاينون ما تبقى من المتحف المنهوب: زجاج يفترش الارض، وواجهات عرض خاوية. ويقول تهامي الذي يعمل في إدارة هذا المتحف الصغير منذ نحو 20 سنة "أحب هذا المتحف اكثر مما احب بيتي، وأقضي فيه وقتا اكبر من الذي أقضيه في منزلي". ويضيف بحزن "أشعر كان بيتي احترق وتعرض للسرقة والتخريب والتحطيم. لقد فقدنا كلنا بسرقة المتحف جزءا عزيزا منا".

 

وتعرض المتحف الواقع في مدينة ملوي على بعد نحو 70 كلم جنوب مدينة المنيا (250 كلم جنوب مصر) الى عملية سطو مسلح يوم فض اعتصامي الاسلاميين في القاهرة في 14 آب(أغسطس)، سرق خلالها أكثر من ألف قطعة أثرية من بين 1080 قطعة معظمها رومانية يونانية. وشهدت البلاد في هذا اليوم أعمال عنف دامية بين أعضاء وأنصار جماعة الاخوان المسلمين وقوات الأمن قتل فيها المئات، في موازاة هجمات استهدفت كنائس ومنازل ومحلات يملكها مسيحيون في عدة مناطق، وبينها مدينة ملوي في محافظة المنيا.

 

ويروي تهامي انه "عند الساعة 11,00 هاجم مئات الاشخاص المتحف الذي كنا أغلقنا أبوابه عندما بدأت أحداث القاهرة، من دون ان نغادره. كان هناك الموظفون ونحو 15 عنصر أمن، الا اننا لم نستطع التصدي للاعداد الغفيرة التي هاجمتنا". ويضيف "لقد نجونا نحن بأعجوبة، رغم الاصابات التي تعرض لها بعضنا، الا ان المتحف لم ينج. كانت فترة عصيبة تحولت معها المنطقة المقابلة للمتحف الى ما يشبه ساحة الحرب وسط إطلاق غزير للرصاص الذي لم نعلم من كان يستهدف والى اين يتجه".

 

"اليونسكو": الأضرار كارثية

 

وكانت منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" اعتبرت في بيان نشر على موقعها ان "الاضرار التي ألحقها مرتكبو أعمال النهب هي أضرار كارثية". واكدت ان الهجوم ادى الى "اختفاء ما يقرب من الف قطعة ثقافية، يعود تاريخها الى بداية التاريخ المصري في العصر الاسلامي، ومن بينها قطع نقدية ومجوهرات وتماثيل، وغير ذلك"، مدينة "الاضرار التي لا يمكن تداركها التي لحقت بتاريخ الشعب المصري وهويته".

 

ويشمل سجل قيد الآثار الخاص بمتحف ملوي على موقع اليونسكو 792 قطعة اثرية، تشمل خصوصا تماثيل لطيور، وتوابيت، ومجموعة من المومياء، واواني، كلها يونانية رومانية، اضافة الى عملات معدنية ذهبية تعود الى الفاطميين والعباسيين والعثمانيين. وفي القاعة الرئيسية للمتحف، تفترش قطع الزجاج المحطم الارض من اولها وحتى آخرها، وواجهات العرض الخشبية الموزعة في أرجاء القاعة مقلوبة أيضا على الأرض إلا عدد قليل منها وقد أفرغت جميعها من محتوياتها.

 

ويتكرر مشهد واجهات العرض الفارغة، والأوراق المبعثرة على الأرض، في القاعتين اليمنى واليسرى المجاورتين للقاعة الرئيسية، وكذلك في قاعة رابعة تقع في طابق علوي. ويقول تهامي "لقد اخذوا كل شيء، والقطع الأثرية التي تركوها بعد ان عجزوا عن حملها معهم، تعرض بعضها للتهشيم والتخريب، فيما جرى إحراق مومياء"، مشيرا الى بقعة سوداء صغيرة على الارض.

وأمام البوابة الخارجية لمدخل المتحف، حيث بدت آثار طلقات نارية على برج مراقبة، وقف مشرف الأمن في المبنى خليل حسين يتأمل بصمت الشارع الذي تتوسطه سيارة محترقة مقلوبة على جنبها الأيمن، أمام بقعة من الأغراض المتفحمة.

ويقول حسين "في اليوم التالي للهجوم، جاءت هيئة رسمية لحصر الاضرار وتسجيل ما سرق، وفوجئنا لدى تواجدها في المتحف بتعرض زميلنا سامح احمد عبد الحفيظ، مسؤول شباك التذاكر، الى القتل على يد قناص عندما كان في الباحة الخارجية".

 

قنص وقتل

 

وانتشرت على معظم جدران الحي القريب من المتحف عبارات مناهضة للسلطة المؤقتة في البلاد وللجيش الذي عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي المنتمي الى جماعة الاخوان المسلمين في تموز(يوليو)، وبينها "طلاب ضد الانقلاب" و"نعم للاسلام، نعم للاخوان"، و"خاين يا سيسي"، في اشارة الى قائد القوات المسلحة الفريق اول عبد الفتاح السيسي. ووسط غياب تام لقوات الامن، انشغل اصحاب محلات تضررت بفعل المواجهات المجهولة الاطراف في إصلاح هذه الاضرار، في مدينة يسكنها مسلمون ومسيحيون.

 

وتعلن الحكومة المصرية بشكل شبه يومي عن استعادة بعض القطع المسروقة من المتحف، التي بلغ عددها حتى مساء الاربعاء 210 قطع، بحسب تهامي. وزار وزير الدولة لشؤون الآثار محمد إبراهيم المتحف حيث أعلن بحسب ما نقلت عنه وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية ان الوزارة "بدأت اتخاذ الإجراءات اللازمة (...) لاعادة افتتاحه جزئيا"، متهما "الجماعات المتطرفة والارهابية" بالوقوف خلف السرقة.

لكن مشرف الامن خليل حسين قال "لم نعرف كيف حدث ذلك، ومن قتل زميلنا. كما لم نعرف من هاجم المتحف، ومن سرقه. كل شيء يحدث بسرعة بالنسبة لنا".

* ايلاف