لا شك أن معاناة المواطنين في العاصمة عدن بلغت حداً لا يُطاق. الكهرباء تكاد تكون معدومة، الخدمات الأساسية تتدهور يوماً بعد يوم، وانهيار العملة بات يهدد لقمة العيش للغالبية الساحقة. ولولا إدراكنا العميق لطبيعة المرحلة وتعقيداتها، لخرجنا جميعاً، دون تردد، إلى الشوارع، ولنصبنا خيام الاعتصام أمام بوابة قصر المعاشيق، رافعين مطالبنا المشروعة، ومتمسكين بحقوقنا التي لا يمكن لأحد إنكارها.
لكن الحقيقة التي لا تغيب عن وعي أبناء عدن المخلصين، أن هناك أطرافاً تسعى لاستغلال هذه المعاناة لتحقيق أجندات حزبية مشبوهة. فخلف الشعارات البراقة والعبارات الشعبوية، تختبئ نوايا خبيثة تسعى لجر العاصمة إلى مربع الفوضى والخراب، خدمة لجهات معادية لا هدف لها سوى إسقاط عدن في مستنقع اللا دولة.
إننا نعرف جيداً أن من يريد الخير لهذه المدينة لا يعارض قرار اللجنة الأمنية، ولا يتحدى إدارة أمن العاصمة، ولا يتخذ من هموم الناس وسيلة لتفكيك المؤسسات وبث الفوضى لذلك فإننا نحذر من الانجرار خلف تلك الدعوات المشبوهة، ونؤكد أن الطريق إلى الإصلاح لا يمر عبر الفوضى، بل عبر التكاتف والوعي والانضباط، ودعم الجهود الأمنية لحماية العاصمة من مشاريع الهدم.
نحن بجانب أبناء عدن، نطالب بالحقوق، لكننا أول من يرفض أن تُستغل الآم المواطنين لإشعال الحرائق في عاصمتنا الحبيبة. وسنبقى أوفياء لمسؤوليتنا الوطنية، حتى تتحقق المطالب المشروعة في إطار النظام والقانون، ودون السماح للعابثين بتحقيق مآربهم على حساب أمن واستقرار العاصمة.
*- د إسحاق الحميدي