عدن تختنق.. فهل من منقذ؟

2025-05-31 18:19

 

تمرّ مدينة عدن اليوم بمرحلة غير مسبوقة من التدهور والانهيار، على كافة المستويات: الخدمات، والتعليم، والاقتصاد. ويكاد يجمع أهلها أن من يتعاقبون على إدارتها، من مسؤولين وحكّام، قد فشلوا فشلًا ذريعًا في أداء أبسط مهامهم، وباتوا عبئًا على المدينة وأهلها.

لقد أثبتت التجربة أن هؤلاء القادة لا يمتلكون رؤية، ولا كفاءة، ولا رغبة حقيقية في البناء والنهوض. لم يقدموا شيئًا سوى المزيد من الفساد، والمحسوبية، ونهب الثروات، بينما يعيش المواطن البسيط تحت خط الفقر، محرومًا من أبسط حقوقه، يكابد يوميًا لتأمين ضروريات الحياة.

إننا اليوم أمام واقع مؤلم: مدينة كانت ذات يوم مثالًا للتمدن والانفتاح، صارت تعيش في حالة شلل شبه تام. لا كهرباء، لا مياه، لا تعليم، ولا صحة. وكأننا نُعاد قسرًا إلى عصور الظلام، في الوقت الذي يتقدم فيه العالم من حولنا.

في ظل هذا الوضع المأساوي، لا بد من الاعتراف الصريح: عدن لا يمكن أن تُدار بذات العقليات التي أوصلتها إلى هذا الدرك. نحتاج إلى تدخل نوعي مختلف، نحتاج إلى حلول جريئة وغير تقليدية.

أقترح – وبكل وضوح – أن تُفتح عدن أمام استثمارات خارجية كبرى، سواء من دول أو شركات عالمية موثوقة، تتولى تطوير القطاعات الأساسية في المدينة: الصحة، التعليم، السياحة، والبنية التحتية. يتم ذلك ضمن شراكة واضحة تحفظ السيادة، وتضمن حماية الأمن القومي، دون تدخل من الجهات الفاسدة التي اعتادت العبث بالمال العام.

إن تحويل عدن إلى منطقة استثمارية خاصة لفترة محددة، تُدار بكفاءة وشفافية، قد يكون طوق النجاة الوحيد. على أن تُشرف على هذه الشراكة جهات محلية وطنية نزيهة، تضمن أن تعود الفائدة مباشرة إلى المواطنين، لا إلى جيوب الفاسدين.

قد يظهر من يعارض مثل هذا الطرح، بحجة السيادة الوطنية. ونحن نقول لهم بوضوح: ماذا جلبت لنا السيادة حين كانت بأيدي الفاسدين؟ هل جنينا منها سوى الفقر والقهر والتراجع؟

السيادة الحقيقية هي سيادة الكرامة، وحق الإنسان في العيش الكريم، لا مجرد شعارات تُستخدم لتبرير الفشل وسرقة مقدرات البلد.

ختامًا عدن اليوم لا تحتاج إلى المزيد من الخطب والشعارات، بل إلى قرارات شجاعة تُنقذ ما تبقى من كرامة سكانها. لا بد من إقصاء الفاسدين، وفتح صفحة جديدة يكون عنوانها: الشراكة، الكفاءة، والعدالة. ربما يكون ذلك هو الأمل الأخير لمدينة كانت – ولا تزال – تستحق الأفضل.

 

*- أبو مصعب عبدالله اليافعي