*- شبوة برس – محمد مظفر
يمر الجنوب بمراحل انتقالية حرجة نطمح من خلالها إلى اقتلاع جذور الفساد وهياكل النفوذ التي استشرت لسنوات وطالت موارد البلاد وقوت العباد . إلا أن عملية التفكيك هذه ليست مجرد قرار إداري أو إجراء شكلي؛ بل هي معادلة معقدة تتطلب عناصر متكاملة لا تقبل التجزئة.
فلا يكفي اتخاذ قرار جريء وشجاع لبدء المواجهة، إذ سرعان ما يتهاوى ذلك القرار أمام جبروت تلك المراكز دون فكر استراتيجي عميق يحلل بنية النفوذ ويستشرف آليات مقاومته. ويأتي بعد ذلك دور إدارة محنكة قادرة على تنفيذ الخطة بدقة وحسم، تحول الأفكار إلى واقع ملموس. ولا يمكن لهذه الإدارة أن تنجح دون رؤية واضحة للمستقبل، ترسم ملامح نظام جديد قائم على النزاهة والشفافية، وتجنب المجتمع مخاطر الفراغ الذي قد يلي مرحلة الهدم.
وأخيراً، فإن كل هذه العناصر تحتاج إلى قوة قانونية ومجتمعية وسياسية تدعمها، لتكون السلطة الفاعلة التي تفرض التغيير وتحميه.
فالخطر الحقيقي الذي يتهدد أي محاولة إصلاح ناقصة أو متسرعة، هو أن يؤدي التفكيك العشوائي إلى فراغٍ تستغله مجموعة جديدة، لتنشئ مراكز نفوذ أكثر دهاءً وقوة، تحل محل السابقة وتعيد إنتاج الفساد تحت مسميات وأشكال مختلفة.
لذلك، فإن النجاح لا يقاس بقدرتنا على الهدم فقط، بل بقدرتنا على البناء بشكل أفضل يحول دون ظهور داء الفساد من جديد.