*- شبوة برس – حافظ الشجيفي
ليست الشراكة القائمة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والشرعية اليمنية مجرد ترتيب إداري لتقاسم المناصب الحكومية والحقائب الوزارية ومقاعد مجلس القيادة الرئاسي ، بل هي في جوهرها اتفاقية لتقاسم السلطة وصنع القرار.. غير أن الممارسات على الأرض تكشف عن خلل عميق في فهم طبيعة هذه الشراكة وتطبيقها، على نحو يقلل من شأن أحد أطرافها الأساسيين، وهو المجلس الانتقالي الجنوبي ويرفع من شأن الطرف الاخر على نحو يتعارض تماما مع روح وشروط هذه الشراكة.
فالشراكة، كما هي معروفة، تقوم على مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين الطرفين، الشمالي والجنوبي، الممثلين في مجلس القيادة الرئاسي... ورئاسة الدكتور رشاد العليمي للمجلس لا تعني احتكاره للقرار، فهو ليس رئيساً للجمهورية، بل رئيس لمجلس قيادي يتكون من ثمانية أعضاء يمثلون كلا الطرفين. والقرار فيه إما أن يكون جماعياً، وإما أن يتخذه كل طرف ضمن صلاحياته في إطار الشراكة في القضايا التي تخصه مع ان هذه المساواة النظرية، لا تعكس العدالة الحقيقية إذا أخذنا في الاعتبار المقومات والامتيازات والاعتبارات الخاصة التي يتمتع بها المجلس الانتقالي الجنوبي، والتي تمنحه وزناً يفوق الطرف الآخر، ووضعا يختلف عن وضعه مما يجعل مبدأ المساواة المجردة معه في غير محله هنا.
وفي هذا السياق، يأتي التضخيم الإعلامي والتهويل السياسي الذي صاحب القرارات الإدارية الأخيرة التي أصدرها الرئيس عيدروس الزبيدي، ممثل الجنوب في الشراكة،مؤخرا بتعيين عدد من كوادر المجلس الانتقالي في مناصب غير مؤثرة وغير ذات اهمية في الحكومة. محملا بدلالات خطيرة؛ فهو من ناحية يقلل من حجم المجلس الانتقالي الحقيقي ويصغّر من شأنه، ويقدم هذه الخطوات على أنها أقصى ما يمكن للمجلس تحقيقه والوصول اليه، بينما هي في الحقيقة لا تتعدى كونها ممارسة لصلاحياته الطبيعية والاعتيادية ضمن الاتفاق.
وهذا العمل لا يقلل من قدرات وإمكانات المجلس الانتقالي داخل إطار الشراكة فحسب، بل وينتقص من قيمته وهيبته خارجها أيضاً في حين يضخم من حجم الطرف الآخر (الشرعية) بشكل مبالغ فيه، ويعطيها حجماً وهمياً لا تستحقه على أرض الواقع. فتضخيم الإنجازات التافهة هو دليل واضح على ضعف أصحابها وشعورهم بالدونية،
إن اتخاذ القرار هو حق أصيل للمجلس الانتقالي الجنوبي في هذه الشراكة. ومن حق الرئيس عيدروس الزبيدي، كممثل للجنوب، أن يتخذ قرارات مماثلة تماماً في قوتها وتأثيرها للقرارات التي يتخذها ممثل الشرعية. لذلك، فإن القرارات الإدارية البسيطة والصغيرة التي تم الترويج لها مؤخراً لا ترقى إلى مستوى القوة والقيمة الحقيقية للمجلس الانتقالي الجنوبي. فهي لا تعكس حجمه السياسي والوطني، ولا تعبر عن ثقله الشعبي والعسكري، ولا تتناسب مع ضخامة القضية التي يحملها على عاتقه، قضية استقلال الجنوب وكرامته ..وقبول وتنفيذ هذه القرارات غير المؤثرة من قبل الشرعية أمر طبيعي للغاية لأنها ببساطة قرارات لا تشكل أي تهديد حقيقي ولا تحقق أي تقدم ملموس على طريق استقلال الجنوب. ولا تستحق كل ذلك الضجيج،الذي احيطت به خاصة إذا قورنت بما يمتلكه المجلس الانتقالي من إمكانات حقيقية يمكن أن يحدث بها تغييراً جذرياً على الأرض.
الخلاصة هي أن الشراكة تحتاج إلى إعادة تعريف على أرض الواقع بما يتناسب مع الأوزان الحقيقية للأطراف. والمستقبل يتطلب قرارات أكثر جرأة وقوة من القائد عيدروس الزبيدي، قرارات تليق بتاريخ الجنوب وتطلعات أبنائه، وتعيد للمجلس الانتقالي هيبته التي يستحقها، وتضع الأمور في نصابها الصحيح دون تضخيم للصغائر أو انتقاص من الكبائر.