رأي قانوني (لتعميم البنك المركزي الأخير) .
((التعميم الصادر عن البنك المركزي بعدن بتاريخ 16/9/2025م بشأن تجميد حسابات منظمات المجتمع المدني ومنع فتح حسابات جديدة لها)) يثير عدداً من النقاط الجوهرية:
أولا/ وضوح الهدف:
النص يوجّه شركات ومنشآت الصرافة إلى وقف التعامل مع منظمات المجتمع المدني عبر تجميد الحسابات القائمة ومنع فتح أخرى جديدة.
خلط في الأساس القانوني:
ثانيا/التعميم استند إلى قانون تنظيم أعمال الصرافة، بينما موضوع الحسابات يرتبط أصلاً بـ قانون البنوك والجمعيات. هذا الخلط القانوني قد يضعف من شرعية الإجراء ويمنحه طابعًا متجاوزًا للصلاحيات.
تضارب في الجهة المخاطبة:
ثالثا/العنوان خصّ شركات ومنشآت الصرافة، بينما المتن تحدث عن البنوك أيضًا، وهو ما يكشف غموضًا في تحديد المخاطبين بالتعميم.
غياب التحديد الزمني:
رابعا/التجميد جاء مطلقًا دون تحديد ما إذا كان الإجراء مؤقتًا أو دائمًا، ما يفتح الباب أمام اجتهادات متناقضة عند التطبيق.
الصياغة الفضفاضة:
خامسا/الاكتفاء بعبارة (إجراءات قانونية صارمة) دون تحديدها يضعف قوة التنفيذ، ويجعلها قابلة للطعن أمام القضاء الإداري.
أخيرا :
التعميم واضح في غايته لكنه مليء بالثغرات القانونية والصياغية، مما يجعله عرضة للتشكيك في مشروعيته. وإذا كان البنك المركزي يسعى لتقوية سلطته الرقابية، فعليه الالتزام بالدقة القانونية، تحديد الجهة المخاطبة بوضوح، والاستناد إلى النصوص الصحيحة دون خلط، مع بيان طبيعة الإجراء ومدته.
فالقانون هو الحصن، وأي تعميم لا يستند إلى أساس سليم يظل مهددًا بالسقوط أمام أول طعن قضائي.
(المحامي/جسار فاروق مكاوي) .