يثير استغرابي ويستفز مشاعري كجنوبي أن الأخ القائد الرئيس اللواء عيدروس الزبيدي، المفوض من شعب الجنوب بمئات الآلاف من ساحة العروض، يتحدث في وسائل الإعلام عن تقرير مصير شعب الجنوب.
وكأن هذه الأرض وهذا الشعب الجنوبي كانا إقليماً أو جزءاً أو محافظة من محافظات الجمهورية العربية اليمنية.
وكأن هذا الشعب وهذه الأرض الجنوبية رعية عند مَن حكمه بانتخاب شرعي أو بتفويض سيفي!
هل يتعظ قادتنا الجنوبيون من الماضي القريب؟ ألا يدركون أن هناك شعباً جنوبياً يجب أن لا يتجاوزوه في حقه وفيما يريده؟
لماذا يهرول فرد أو مجموعة أفراد يمثلون أنفسهم ليقرروا مصير شعب، كما سبق وأن هرول الملاحق بالدعاء عليه إلى يوم الدين، علي سالم البيض، دون استفتاء شعبي: هل الشعب مع تحقيق الوحدة أم لا؟ وكانت النتيجة ظلماً وإلحاقاً ومظالماً وتمزيقاً للجنوب أرضاً وإنساناً وثروات.
لم نستوعب بعد أننا نندفع بالعاطفة، أو وفقاً لمصالح أصحاب الكراسي كي يبقوا في الواجهة السياسية، أو وفقاً لرغبات وتضليلات التدخل الخارجي الذي يريد إبقاءنا في فخ الوحدة تحت مسمى "الأقلمة" لينهش في أرضنا وثرواتنا عبر بوابة حكام نظام صنعاء. فالأقلمة هي في الأخير أشبه بالمثل الشعبي: "ديمة وخلفنا بابها".
ألا يستنهض قادتنا الجنوبيون ذاكرتهم بأن الوحدة من الأساس لم تكن متوازنة: لا ديموغرافياً، ولا جغرافياً، ولا مساحةً، ولا موارداً، ولا تحضراً... فيكفي لدغة شعب الجنوب مرة، وقد قُتل فيها ألف مرة. فهل وفقاً لهذه الفوارق الأساسية، يجوز أن يلذغ المؤمن من نفس الجحر مرتين؟ أفلا تعقلون؟ أفلا تبصرون؟ أفلا تخافون الله في هذا الشعب الذي منحكم كل شيء ولم يأخذ منكم شيئاً، بما في ذلك قوت يومه؟