الجنوب عبر التاريخ: من ممالك اللبان إلى إتحاد الجنوب العربي

2025-10-05 22:58
الجنوب عبر التاريخ: من ممالك اللبان إلى إتحاد الجنوب العربي
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

حقائق تاريخية لجغرافية الجنوب العربي

 

يعتقد الكثير من جيل السبعينات وما بعده (ولا لوم عليهم) أن الجنوب العربي اسم استحدثته بريطانيا، ونقول إحقاقًا للحق إن الجغرافيا الممتدة من حدود سلطنة المهرة شرقًا إلى جزيرة كمران غربًا أخذت عدة تسميات، منها ما جاء ذكره في القرآن مثل الأحقاف وإرم ذات العماد، ومنها ما ورد في كتابات الرحالة والمؤرخين كأرض اللبان والبخور (أرض بونت) وأرض العرب الجنوبيين (بحسب لغاتهم، إذ كانت كتابتهم من اليسار إلى اليمين)، ومن اليمين إلى اليسار الجنوب العربي والعربية السعيدة (Felix Arabia) وعرب جنوب شبه الجزيرة العربية والعرب الأقحاح. وذكرت النقوش ممالك العرب الجنوبيين التي تأسست أقدمها في المهرة بعد هزيمة المعينيين السومريين في ظفار عام 3200 ق.م، ومملكة حضرموت الكبرى عام 1300 ق.م في وادي ميفعة، ومملكة أوسان عام 850 ق.م، ومملكة قتبان عام 450 ق.م، ومملكة النبط في القرن الثالث قبل الميلاد على يد الملك الحارثة الأول في وادي ضراء، والنبط هم من ابتكروا الحرف الذي نكتب به حاليًا دون تنقيط، ومملكة ذي يزن في ميفعة وعبدان عام 525م.

 

وانتشرت على تلك الرقعة الجغرافية منذ القرن الخامس عشر سلطنات وإمارات ومشيخات بلغ عددها تقريبًا 23، وتصدت بالتعاون مع سلطنة الكثيري في عهد بدر بن عبدالله بو طويرق للحملات الاستعمارية في تلك الجغرافيا بدعم من دولة الخلافة العثمانية في نهاية القرن السادس عشر.

لكن حدث الغزو الإمامي الزيدي في القرن السابع عشر واحتل أراضي معظم تلك السلطنات، وتم طرده وتحريرها بعد نحو 25 سنة لتعود سلطنات الجنوب إلى مواطنها، وغالبًا ما كانت السلطنة تُنسب إلى الأسرة الحاكمة. وهذا بحر العرب، وهذا خليج عدن العربي على نفس تسميات العرب الجنوبيين.

 

وفي عام 1839 غزت بريطانيا ميناء عدن، أحد أهم موانئ سلطنة لحج العبدلية، واحتلته، وعقدت سلسلة من الاتفاقيات مع سلطنات المنطقة في جغرافية الجنوب، منها معاهدات الصداقة ثم معاهدات الحماية، وأطلقت على المنطقة تسمية "نواحي التوسع"، ثم غيرت التسمية إلى "مستعمرة عدن ومحمياتها الشرقية والغربية"، أي أن الاستعمار كان موجودًا فقط في عدن، أما بقية السلطنات فكانت مشمولة بحماية المستعمرة عدن وبالصداقة والحماية مع بريطانيا.

 

وعندما شعرت بريطانيا بالأطماع التوسعية لليمن وغيرها، عمدت إلى محاولة تجميع تلك المكونات في اتحاد يشمل كل جغرافية الجنوب العربي من باب المندب غربًا إلى حوف شرقًا، ليكون قادرًا على التصدي للأطماع التوسعية في أرضه وحماية مصالحه وثرواته، فأسست عام 1955 اتحاد الإمارات العربية الجنوبية.

وفي عام 1959 طُورت فكرة الاتحاد إلى مضمون أشمل لكل الجغرافيا وأُطلق عليه اسم "اتحاد الجنوب العربي"، وتم تصميمه وسُكَّت عملته "دينار الجنوب العربي" لكل السلطنات في الغرب والشرق، وشعاره مستوحى من المخاطر المحدقة به: (الاتحاد إخوة – عدالة – قوة).

 

وتأخرت سلطنات القعيطي والكثيري والمهري (بن عفرار) عن دخول الاتحاد، وكانت تستوضح وتناقش وضعها القانوني في إطار الاتحاد، لكن الأحداث تسارعت بعد هزيمة العرب في عام 1967، فتم التوافق الدولي على تسليم استقلال الجنوب العربي للجبهة القومية في مفاوضات جنيف.

وفي 30 نوفمبر 1967 تم إعلان استقلال الجنوب العربي، وأعلنت الجبهة القومية قيام دولة "جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية" على خريطة الجنوب العربي، ثم غُيِّرت التسمية مرة ثانية عام 1970 إلى "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" على نفس جغرافية الجنوب العربي الممتدة من جزيرة كمران غربًا إلى سلطنة المهرة شرقًا.

 

وهذه هي حقائق التاريخ والجغرافيا.

 

الباحث/ علي محمد السليماني