*- شبوة برس – وضاح الهنبلي
يقول سيد قطب في كتابه "معالم في الطريق" الذي جمع فيه رسائله إلى الإخوان المسلمين وكتبها في سجنه قبل إعدامه:
"إن الأمة الإسلامية قد انقطع وجودها منذ قرون كثيرة."
"إن العالم يعيش اليوم كله في جاهلية."
يرى سيد قطب أن البشرية على حافة الهاوية، وأنها مفلسة في عالم القيم. الديمقراطية الغربية قد أفلست، والماركسية الشرقية فشلت، وكذلك أفلتت النهضة العلمية والوطنية والقومية وكل الأيديولوجيات. لذلك يحتاج البشر إلى قيادة جديدة تزودهم بقيم حقيقية ومنهج أصيل وواقعي. وبحسب قطب، الإسلام هو الوحيد القادر على إنقاذ البشر من القاع وحل كل مشاكل العالم.
لكن قطب يرى أن هناك إسلاماً شكلياً فقط، ولا توجد أمة مسلمة حقيقية ولا مسلمون موحدون.
لماذا يتبنّى سيد قطب كل ذلك؟ السبب، بحسبه، أن البشر خالفوا مبدأ الحاكمية.
الحاكمية من أهم أفكار سيد قطب؛ يرى فيها أن المخول الوحيد للحكم هو الله. يجب أن تكون كل الشرائع والقوانين والأنظمة من القرآن فقط، وأي حكم أو قانون أو نظام يتعارض مع ذلك فهو شرك وكفر.
الشرك عند سيد قطب نوعان، وكلاهما يخرج الناس من الدين "كفر": شرك العبادة، وشرك الحاكمية والاتباع.
باختصار، يقول سيد قطب في كتابه: لن تكون مسلماً موحداً بالله إلا إذا خرجت على الدولة وانقلبت على السلطات الحاكمة في بلدك؛ فالحكام طواغيت ومن يعاونهم كفار، وبلدك بلد كفر.
فلا إله إلا الله عند قطب تعني: لا حاكمية إلا لله، ولا شريعة إلا من الله، ولا سلطان لأحد على أحد لأن السلطان كله لله.
يقول سيد قطب: "نحن اليوم نعيش في جاهلية، كجاهلية ما قبل الإسلام أو أظلم. كل ما حولنا جاهلية: تصورات الناس وعقائدهم جاهلية، عاداتهم وتقاليدهم ومواريث ثقافتهم جاهلية، فنونهم وآدابهم وشرائعهم وقوانينهم، حتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية ومراجع إسلامية وتفكير إسلامي هو من صنع هذه الجاهلية."
فصل الجهاد هو أكبر فصول كتابه، حيث يرى أن الجهاد يتحقق بالقوة والعنف وإسقاط الدول والأنظمة. يبدأ الجهاد، بحسبه، من بلدك "الكافرة" بمحاربة الحركة الإسلامية للطواغيت وإسقاطها، ثم إسقاط كل الأنظمة الكافرة في العالم. الإسلام عند قطب هو إعلان عام لتحرير الناس من عبودية العبيد ضد أي نظام سياسي يجعل البشر مصدر السلطات.
يرى سيد قطب أن الجهاد لا يتم بالدعوة أو التبليغ فقط، بل يجب أن يستمر بالجهاد والقتال وفتح البلدان حتى ينقسم أهل الأرض إلى مسلمين وأهل ذمة وكفار دافعي جزية.
أخيراً، أسس قطب لنظرية الاستعلاء، وطالب أتباعه بممارسة الاستعلاء في القول والفعل على باقي "الجاهليين". يقول: "المسلم هو الأعلى إدراكاً وتصوراً لحقيقة الوجود، وهو الأعلى تصوراً للقوى والموازين، وهو الأعلى ضميراً وشعوراً وخلقاً وسلوكاً من كل الآخرين." ويقصد بالمسلم هنا أفراد الجماعة، فهو لا يعتبر "المسلم نظرياً" مجرد مسلم بل يجده جاهلياً وكافرًا إن لم يكن من جماعته.
هذه هي الدولة أو المدينة الفاضلة التي يراها سيد قطب، وما علينا إلا تطبيق نظرياته التي وضعها في كتابه "معالم في الطريق".
حاول الأخواني صلاح الخالدي في دراسته وتحقيقه للكتاب إيجاد تأويلات وترقيعات وتفسيرات لكثير من نصوص قطب، لكنه لم يفلح؛ الشق كان أكبر من الرقعة.
وضاح الهنبلي