تواجد ممثلي أحزاب صنعاء في معاشيق ليس اعتباطيًا، بل إن وجودهم هناك لمهمة يعتبرونها وطنية، وهي أن تبقى وزارة الخارجية وسفاراتها تتحدث باسم الحوثي وباسم الوحدة اليمنية وأحزاب "الوحدة أو الموت".
كيف ذلك؟
معروف أن العالم المتحضر والدول العظمى لا تتعامل رسميًا إلا مع الجهات الحكومية، وأهمها السفارات والملحقيات والمنظمات التابعة لها، وليس مع حركات التحرر. ولذلك فالسفارات اليمنية أغلبها تعمل ليل نهار من أجل بقاء وحدة اليمن، وتذم المجلس الانتقالي الجنوبي في تقاريرها، وتعتبر أن قيادة المجلس تريد شرذمة اليمن وتقسيمه من خلال فك الارتباط بين صنعاء وعدن.
ومن الطبيعي عندما يكرر مجلس الأمن والمبعوث الأممي الصيغة نفسها باستمرار: العمل بمخرجات مؤتمر الحوار والمبادرة الخليجية والمرجعيات الثلاث والحفاظ على وحدة وسيادة اليمن، فهذا ليس مجرد تكرار محفوظ، بل لأنه يتلقى من السفراء والجهات الدبلوماسية اليمنية التقارير الدورية حول ذلك قبل كل جلسة.
فعلى سبيل المثال، إذا أقيمت فعالية في ماليزيا أو في أي دولة نظمها المجلس الانتقالي الجنوبي أو الحراك الجنوبي تدعو للانفصال أو تتواصل مع منظمات داعمة، نجد السفارة اليمنية في ذلك البلد تتجه مباشرة إلى وزارة الخارجية هناك وتتحدث بشكل قوي ورسمي محذّرة من تكرار ذلك، ومؤكدة ضرورة الاعتماد على التقارير والمعطيات التي تقدمها الجهات الرسمية الممثلة وهي السفارة اليمنية، التزامًا بالقوانين والعلاقات الدولية. وقد حصل هذا في أكثر من دولة، من ضمنها تركيا.
لهذا، للأسف ستستمر أكليشيه المرجعيات الثلاث والمبادرة الخليجية ووحدة اليمن في كل لقاء وإعلان وبيان من مجلس الأمن أو غيره، لأن الجنوبيين ممثلين بالمجلس الانتقالي لم يخترقوا بعد وزارة الخارجية. وهذه هي الحقيقة، فالموجودون في معاشيق من الأحزاب اليمنية داخل منظومة الشرعية موجودون لهذا السبب.
ويهمهم ألا يسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على الوزارات السيادية، وعلى رأسها وزارة الخارجية، بعد أن عطّلوا وزارة النفط ومنعوا التصدير، وأفرغوا وزارة المالية من مهمتها، وتُرسل إيرادات الجنوب إلى أتباعهم في الخارج وإلى المحافظات التي يسيطر عليها الحوثي كرواتب وموازنات تشغيل. كما يستميتون في المطالبة بدمج القوات المسلحة الجنوبية داخل وزارتي الداخلية والدفاع.
حقيقة وزارة الخارجية وسفاراتها أنها صوت الوحدة اليمنية وسيفها البتار. وإذا أردنا إيصال صوتنا الجنوبي وقضيتنا بشكل رسمي وقوي فعلينا أن نسيطر على هذه الوزارة أو تعطل أعمالها إذا لم يُطبق مبدأ المناصفة، لأن سبب تواجدهم هو التوقيع على حكومة المناصفة.
م. جمال باهرمز
١٥ نوفمبر ٢٠٢٥