لماذا قتلوا فيصل وسجنوا الرئيس قحطان؟

2025-11-13 07:46

 

 

خطر الابتزاز اليمني على هوية الجنوب

من خلال استماعي للرعيل الأول من المناضلين خرجت بالخلاصة الآتية:

قبل الاستقلال الأول وأثناء النضال ضد بريطانيا العظمى، كان السلاح المصري يُرسل لمقاتلي جبهة التحرير والجبهة القومية إلى مديريات تعز اليمنية، ثم يُهرّب إلى قرى الجنوب العربي الحدودية مع اليمن.

وكانت في تعز أيضًا بعض قيادات الجيش المصري في اليمن، يلتقون بقادة الجبهة القومية الجنوبيين، وكانت تعز مأوى آمنًا لقادة الجبهة القومية المطاردين من سلطات الاحتلال البريطاني.

 

ومن خلال هذه المزايا، للأسف، استغل بعض القادة القوميين اليمنيين هذا الوضع، واستخرجوا وعدًا من بعض القادة الجنوبيين بأنه بعد استقلال الجنوب ستكون الجنسية واحدة، ووطن لكل اليمنيين المشاركين في النضال ضد الملكية في صنعاء.

بهذه الطريقة تم انتزاع وعد أو اتفاق سياسي لم تجتمع الجبهة القومية بكامل نصابها لتأييده، بل كان مجرد تفاهم بين مجموعة من القادة في وضع أشبه بالحصار منه إلى الضيافة المؤقتة.

 

تلقفت مجموعة تعز في الجبهة القومية هذا الوعد، وجعلت منه مشروعًا مستقبليًا، وتواصلت سرًا وعلنًا مع قيادات القوميين العرب اليساريين، الذين ضمنوا لهم دعم المعسكر الشرقي. وبعد إعلان الاستقلال، أصبح هدف هذه المجموعة أن تكون صنعاء وعدن ضمن المعسكر الشرقي، حتى أصبحت هي محور اهتمام السوفيت قبل رؤساء الجنوب وقياداته.

 

وحين بدأ الرئيس قحطان الشعبي العمل على صياغة الدستور، متضمنًا مفهوم الجنسية الجنوبية، ثارت ضده هذه المجموعة بسبب تدفق القادمين من اليمن بشكل غير طبيعي، مستغلين التفاهمات السابقة، وسعيًا لتغيير التركيبة الديموغرافية والسياسية في عدن لصالح النازحين اليمنيين.

وحين حاول قحطان التصدي لذلك، أُربك المشهد ونُفيت هذه المجموعة إلى الخارج. لكن بتدخل القوميين العرب والدول الداعمة عادوا ونفذوا ما سُمي بـ"الخطوة التصحيحية" في 22 يونيو 1969، وهي في الحقيقة انقلاب على دستور الهوية الجنوبية، إذ فرضوا الهوية اليمنية الجامعة في دستور الدولة، وأطاحوا بقحطان وفيصل عبداللطيف.

 

استسلم قحطان لتفادي الحرب الأهلية، رغم معارضة قادة الجيش والأمن، وقال: "لا أريد حربًا أهلية، فهؤلاء لا يهمهم إن اشتعلت لأنها ليست بلادهم." وكان قد أوصى فيصل عبداللطيف قبل المؤتمر بإطلاق سراح بعض قادة الجبهة القومية الذين وقفوا مع اليسار المدعوم خارجيًا.

 

اليوم، لا نريد أن يتكرر ذلك الابتزاز الحقير الذي يردده قادة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية بأن قضية شعب الجنوب العربي ستكون ضمن القضايا بعد تحرير صنعاء.

على كل شعب الجنوب العربي أن يقف خلف الرئيس عيدروس الزبيدي، خصوصًا أبناء محافظات الشرق، حتى لا يُشعر بأنه محاصر من الرباعية وأحزاب صنعاء وأدواتها في الجنوب.

 

لا حاجة لنا بالتحالف مع غير الجنوبيين ولو كانوا معنا في الجبهات. علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا ومع العالم، وسندعم غيرنا حين نستعيد دولتنا لأننا سنملك القرار والإمكانيات ولن نتخلى عن أحد.

ولا نريد أن يتكرر الابتزاز بالوعود، فالقادة الجنوبيون على مر التاريخ صادقون في عهودهم، أما القادة اليمنيون فلا عهود لهم ولا يوفون بمواثيقهم، وإن تكرر الابتزاز فسيعود شعبنا إلى باب اليمن.

 

م. جمال باهرمز

12 نوفمبر 2025