صحيفة الأيام ثبات الموقف وشرف الريادة

2014-02-11 11:45
صحيفة الأيام ثبات الموقف وشرف الريادة
شبوة برس- خاص ساحل حضرموت

 

ليس من السهل أن تتبوأ الريادة في مدينة شهدت تطوراً وتقدماً في جميع مناحي الحياة وعاشت نهضة إعلامية رائدة و غير مسبوقة في مطلع خمسينيات القرن الماضي ميزتها عن سائر مدن وعواصم دول الإقليم وتعددت فيها الصحف والمطبوعات وتنوعت أفكارها وأخذت صحيفة الأيام والتي كانت امتداداً لصحيفة الرقيب إن لم تخنِ المعلومات ، أخذت موقع الريادة بالرغم من مزاحمة العديد من الصحف لها مثل البعث والطليعة و اليقظة والأمل والأنوار وفتاة الجزيرة والكواكب وفتاة شمسان والنور والحقيقة والطريق وغيرها .

 

إلا إن ثبات موقف الأيام الصحيفة ومقارعتها للاستعمار البريطاني ووقوفها إلي جانب الحق ونصرة المظلوم ومحاكاة الواقع النهج الذي تبنته وسارت عليه مما جعلها الصحيفة الأكثر رواقاً للقارئ الكريم فتبوأت بذلك قمة هرم الصحافة العدنية الشئ الذي ضاعف من مسئولياتها وأثقل كاهل القائمين عليها فكانت عند حُسن ظن جماهير شعب الجنوب بها فازدادت جرأة وجاهرت بالحقيقة في وجه المستعمر وتصدرت الإعلام المحرّض ضد الانجليز والداعي إلى تحرير الأرض حتى تحقق ذلك .

 

ومن المؤسف أن تتعرض صحيفة الأيام للإيقاف عقب الاستقلال الوطني الأول في الثلاثين من نوفمبر 1967 م وهذه من الخطايا التي جبّها التصالح والتسامح وظلت الأيام هكذا إلى أن عاودت الإصدار من جديد في مطلع تسعينيات القرن الماضي وبالرغم من طول فترة الغياب إلاّ إن صدق الكلمة والمجاهرة بالحق ووضوح الرؤية والمسار والجرأة الصحفية كان المبدأ الثابت الذي احتفظت به الأيام وعاهدت جماهيرها عليه والعنوان الصريح الذي عنّونة به ظهورها الجديد وأتحفت القراء الكرام بجملة من الكتابات والمواضيع لامست الواقع بجدية ، تفنن وأبدع في كتابتها نخبة من ألمع الكتّاب والمحررين بقيادة المبدع المرحوم هشام باشراحيل فأصبحت الأيام في فترة وجيزة الصحيفة الأكثر انتشاراً بين صفوف الشعب بمختلف شرائحهم ولعل ذلك عائد إلى أحساس البسطاء والمظلومين من أن صحيفة الأيام هي من تتحدث بلسان حالهم البائس وتدافع عنهم وتكشف فضائع وجرائم الاحتلال الذي تمادى في ظلمه وأمعن في استهتاره بشعب الجنوب وتنكر للإنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى فما كان من صحيفة الأيام إلا أن تعاملت مع هذا الواقع بإخلاص وصدق نابع من مفهومها الجاد للمواثيق الصحفية والمبادئ الإعلامية التي تفرضها المهنة والتي عاهدت الأيام نفسها وجمهورها على الالتزام بها وعدم الانحياز لأي طرف فلا الترغيب و الترهيب أثر في مصداقية الصحيفة ومجاهرتها بالحق ووقوفها إلى جانب كل مظلوم ولا التهم والبلاغات الكيدية أثنتها عن خط سيرها القويم بل استمرت في أداء رسالتها وقوة طرحها مستمدة من الله سبحانه وتعالى ثم الشارع الجنوبي العزيمة والثبات وهذا ما أثار سلطة الاحتلال وخلخل ديمقراطيتها وحرية الرأي المزعومة وضاقت صدورهم بالقدر الذي ضاقت فيه حرية الكلمة حينما تلامس مشاعر الشارع وتتعدى خطوطهم الحمراء الخطوط الذي بموجبها عم وطم الفساد ودخل الجنوب ضمن الملكية الخاصة للأسرة الحاكمة واشتغل المطبخ لإيجاد حلول في التخلص من صحيفة الأيام لئلا تتمادى بحسب منطقهم وتذيب المساحيق الذي يتجّمل بها أقبح وجه عرفته البشرية في التاريخ المعاصر فعمدوا إلى فبركة وتلفيق قصة بوليسية أرادوا عتاولة النظام من خلالها إسكات الصوت الذي صدح بالحق ودوى مجلجلاً في عموم الوطن العربي فأزعجهم وقض مضاجعهم وأفقدهم صوابهم فكانت خلاصة القصة أن كتبوا بالدم بلاغ إغلاق الصحيفة وازدادوا عجرفة وقاموا بحملة عسكرية دللت على نوايا مبيتة تجاه الأيام ودارها ورئيس تحريرها والعاملين فيها ولم يزل المناضل أحمد عمر المرقشي يكابد غياهب سجون المحتل اليمني دون أدنى تقدير لحالته الصحية المتدهورة التي يرثى لها العدو قبل الصديق .

 

والحقيقة أننا نشهد بهذا الخصوص تطورات جداً خطيرة حيث يتبلور وبشكلٍ سريع التطبيق الفعلي لمخرجات حوار الموفمبيك التي تمثلت بإصدار حكم الإعدام بحق عميد الأسرى الجنوبيين المناضل المرقشي والغريب في الأمر حقٍ بل المريب أن نرى هذا الصمت المخجل والموقف المزري لكافة منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الصحفية المختلفة التي لم تحرّك ساكناً حتى الساعة الشئ الذي شجع الأجهزة القضائية المسيسة أن تصدر مثل هكذا أحكام وفتح شهية أجهزة القمع البوليسية اليمنية في التنكيل بالسجناء الجنوبيين فبعد أن نكلوا بالهامة العملاقة رجل الأيام الأول بين سجونهم ومحاكمهم الصورية دون أن ينحني أو يخضع حتى اختاره الله مرفوع الرأس تارك الذل والهوان لغيره ممن تناسوا صحيفتهم قبل قضيتهم !

 

بقلم : الأستاد حسن عميران