تفشي الغش بشكل ممنهج أبرز أسباب تدني مستوى التعليم في المحافظات الجنوبية
التعليم في المحافظات الجنوبية في تراجع مستمر، ومعظم المدارس خالية من العملية التعليمية، ومئات الطلاب والطالبات باتوا على وشك السقوط في براثن الجهل والأمية، جراء جملة من التقصيرات التي تبدأ من إدارات التربية في المحافظات، مروراً بالكادر التربوي، ووصولاً إلى إهمال ولي الأمر لابنه، حتى إن الكثير من البنين والبنات باتوا تحت خط الأمية.
صحيفة "الأولى" حاولت أن تقترب من موضوع التعليم في المحافظات الجنوبية.. تعالوا معنا لنرصد أهم ما يعانيه وضع التعليم.
معلمون
ندى حسن الصلاحي، معلمة تربوية، قالت إن "التعليم هو الترمومتر الذي نقيس من خلاله قوة البلدان وضعفها، لذا نجده يشغل بال المهتمين والمدركين في حجم أهميتها، إلا أننا لا نزال في بلادنا، ولاسيما المحافظات الجنوبية، نشكو من استمرار تندي مستويات التلاميذ".
وتشير الصلاحي إلى بعض سلبيات التعليم، حيث قالت إن "ظاهرة المعلم البديل سواء المؤهل أو غير المؤهل، تشكل سلبية في القطاع التعليمي، أضف إلى أن مجالس الآباء والأمهات غير مفعلة في الفترة الأخيرة، وهذه أيضاًَ إحدى المشكلات في التعليم، وأرى أن الحل يكون بإيجاد منظومة متكاملة من اتفاق الخدمة المدنية والتربية والمالية والبريد، بتصحيح الوضع في مسار العملية التربوية".
مدراء مدراس
وقال صالح حسين السالمي، مدير مدرسة، إن "من الأسباب المساهمة في تدني مستويات التلاميذ، أن معظم المعلمين في مدارسنا لا يمتلكون المقدرة على توصيل مفاهيم التعليم إلى أذهان التلاميذ، كونهم لا يحظون بالتأهيل المناسب، بالإضافة إلى صعوبة وحشو بعض المقررات الدراسية التي تخلف الملل والسأم، سواء للتلميذ أو المعلم. ولا أنسى هنا أن نذكر شطحات بعض المعلمين للأسف الشديد في اتباع أساليب جامدة، وأحياناً قاسية، في معالجة الفروق الفردية للتلاميذ، واستخدام ألفاظ السخرية من أخطاء التلاميذ، مما يولد الخوف والخجل عند التلاميذ، وبالتالي زرع الكراهية في نفوسهم للمادة الدراسية والمعلم".
ويضيف في سياق حديثه قائلاً: "من مشاكل تدني التعليم أيضا أن بعض المعلمين لا يعملون أثناء تصحيح أعمال التلاميذ، على توضيح الأخطاء التي وقعوا فيها، ما يؤدي بهم إلى اعتبارها صحيحة، ناهيكم عن عدم مراعاة الأسر بدراسة أبنائهم والاهتمام بتفتيش كراساتهم وتوجيه أبنائهم إلى المراجعة والاستذكار، بالإضافة إلى وجود هوة كبيرة في معظم الأحيان في العلاقة ما بين أولياء الأمور والمدرسة".
أخصائيون تربويون
وقال عبدالله علي أحمد، أخصائي تربوي، إن "تدني المستوى التعليمي والتربوي في المحافظات الجنوبية، يعود إلى أسباب عديدة"، وقام بتلخيصها في النقاط التالية: "ظاهرة ترفيع الطلاب الراسبين، وعدم وجود استراتيجية تعليمية أو سياسية صحيحة لوضع منهاج دراسي واحد للتعليم، لأن ما يدرسه التلاميذ والتلميذات ما هو إلا عبارة عن مقررات دراسية توليفية، بالإضافة إلى قصور في المقررات، وعدم مواكبتها لتطورات العصر واحتياجات الزمن".
ويضيف: "ومن الأسباب أيضا عدم وجود نسبة عالية من المعلمين المؤهلين تأهيلاً جيداً، وغياب عملية التقييم الصحيح والتقويم المناسب للإدارات المدرسية، والافتقار إلى المعينات ووسائل الإيضاح، وكذا إلى المباني المدرسية المتكاملة، بالإضافة إلى الكثافة الطلابية في معظم المدارس، إن لم يكن في جلها".
ويواصل حديثه: "لا أنسى أن أقول إن هناك ضعفاً واضحاً وملحوظاً في إعداد المعلم، ناهيكم عن محدودية تدريبه وتأهيله أثناء فترة خدمته في تلك التدريس. وأجدها فرصة لأقول، ومن على منبر "الأولى"، بأن ظاهرة تسرب الطلاب من مدارسهم ازدادت في الآونة الأخيرة، وينبغي أن يكون هناك تعاون جاد ما بين المدرسة والأسرة، حتى نتمكن معاً في القضاء على هذه الظاهرة، ونعمل من أجل أن ينشأ لنا جيل واعٍ فاهم متسلح بالعلم والمعرفة".
أكاديميون
ولخص الأكاديمي خالد صالح العولقي، حديثه في نقاط محددة حول تدني مستوى الطلاب في المدارس، وهي: "كثافة المنهج، وظاهرة الغش التي أصبحت منتشرة في ربوع المحافظات الجنوبية كسياسة لجيل قادم أمي، وعدم المتابعة من قبل جهات الاختصاص في المحافظات والمديريات، حول التعليم وطرقه العلمية، وعدم متابعة أولياء الأمور لبنائهم الطلاب".
وقال العولقي: "أتوجه بالنصيحة للإخوة والأخوات مدراء ومديرات المدارس، أن يختاروا مدرسيهم بأمانة، وبالذات للسنوات الأول (1-4)، وبالأخص السنتين الأولى والثانية، ولكن للأسف الملاحظ بعض الإدارات يهمها إشغال الفراغ بمدرس لهذه المراحل، وفي الأخير يؤدي إلى عدم تغيير أي شيء في سلوك الطالب التعليمي إلى سنة ثانية، وبالمثل أيضاً في سنة ثالثة يرفع إلى سنة رابعة، وهكذا.. ومن هنا تبدأ الكارثة، والألم أن الطالب لا يعرف إخراج الحروف الهجائية لأية كلمة".
وتابع: "أضف إلى ذلك عدم تأهيل المعلمين والمعلمات، وعدم وضع المعلم المناسب في المكان المناسب، أي أن يعلم ويدرس وفق تخصص، وعدم اختيار الإدارات المدرسية الكفؤة، بل ما يحدث هو التعيينات وفقاً للمحاباة والتحيز والجوانب السياسية، وعدم تفاعل وارتباط البيئة بالمدرسة، وعدم تفعيل مجالس أولياء الأمور من قبل الإدارات التربوية والمدرسية، وضعف المكانة الاجتماعية للمعلم أو المدرس، وعدم إعطائه حقه".
مدربون تربويون
مصطفى المنصوري، رئيس المنتدى الجنوبي التربوي، ومسؤول الموارد البشرية قي تربية عدن، قال إن "تدني مستوى التعليم عملية مركبة من مجموعة متراكمة من السلبيات على مستوى الكتاب المدرسي وجودته وفاعليته في نمو معارف وسلوك ومهارات ومتطلبات العصر، أو من ناحية المعلم وقدراته في توصيل المقررات، أو الإدارة القادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، والتي تفرغ نفسها للعمل التربوي والتعليمي ومتابعته، وليس للعمل السياسي، وكذلك المبنى المدرسي الذي بدوره يمثل الأهمية في التصميم وسعة الفصول الدراسية، وعدد التلاميذ، حتى يستطيع المعلم توصيل المعلومة إلى التلاميذ، ويستفيد التلاميذ من شرح المدرس".
ويتابع حديثه أن "انهيار التعليم وغيره يمكن أن يتم تلخيصه في عمليات النجاح والنقل الأوتوماتيكي للطلاب، وعند دراسة مستوى التلميذ نجده صفراً، وخير دليل على ذلك صراخ العديد من الأكاديميين في الجامعات أنه لا يوجد أي دور للتعليم الأساسي والثانوي، فجميع الطلاب في مستوى أول جامعة لا يجيدون القراءة والكتابة".
* صحيفة الأولى - عدن- الخضر عبدالله