عندما اغتيل الشهيد "سالم قطن" حضر أبناؤه مراسيم تشييع الجنازة والدفن في العاصمة صنعاء وظهروا في الصورة إلى جوار فخامة رئيس الجمهورية وهم في منتهى التهذب ومنتهى الحزن يرتدون معاوز عادية ويلبسون "شنابل" بلاستيكية في مشهد يخبر الجميع بأن وراء ذلك القائد العسكري الكبير نزاهة مخيفة. يومها- وحتى اللحظة طبعا- لم يكن لدى آلة "شجعان الزحمة" الإعلامية عيون تلتقط البساطة وترصد العفة والنزاهة ليتحدثوا عنه بصفته قائداً من أوساط الناس؛ وبصفته بطل ترك أقدام أبنائه على طبيعتها واهتم بنظافة أياديهم. وقتل "القشيبي" وهو قائد عسكري متورط بعديد أشياء أقلها أن أبناءه ما شاء الله عليهم "مقاولون" شغالون حريقة في مجال "الطرقات والسدود". والشنابل بالنسبة إليهم نكتة قديمة قضت عليها عضلات والدهم النافذ في الجيش. لبس أبناء "القطن" أحذية البلاستيك لأن حياة والدهم كانت تتطور برتم المواطن الطبيعي؛ ولبس أبناء"القشيبي" أحذية كبار المقاولين لأن حياة والدهم تطورت بشكل إمبراطوري إذ كان "القشيبي" قائدا قاول عددا من الحروب-باسم الجيش- آخرها مقاولة الحرب في عمران. ومع هذا يتم التباكي عليه لكأنه القائد الذي خاض-بنزاهة عالية - معركة "ذات الشنابل" في عمران واستعاد الأندلس المفقود في صعدة. المقارنة بين قائدين عسكريين، الأول عقيدته القتالية وطنية مائة في المائة والثاني عقيدته القتالية منحازة إلى شخوص بعينهم وليست لوطن؛ مقارنة ظالمة بالتأكيد؛ لكن هذه البلاد غدت كالقطة التي تأكل خيرة أبنائها وتذهب لتتكئ على أبطال من خشب . الله يرحم الاثنين على أية حال.. وفي الجيش اليمني عموما المئات من القيادات أمثال "القطن" وهناك يقابلها المئات من أمثال "الأخير". غير أن السفالة تتعاظم حينما يتم تسويق قائد خاض بمقدرات الجيش حربه الخاصة لكأنه "نابليون بونابرت" يقابل ذلك تجاهل ونسيان نماذج الشرف والنزاهة . هذا بحد ذاته يصدر مشاعر الإحباط والسأم لدى قادة جيش هم بأمس الحاجة الآن لمن يرفع معنوياتهم ويشعرهم - على الأقل- بأن الولاء للوطن لن يخلف أبناء يواصلون حياتهم بأحذية من بلاستيك.
*فكري قاسم - اليمن اليوم