لا أدري ، هل هي الجغرافيا وحدها ، كانت السبب في أن يطلق "الرفاق " على حضرموت ، عشية الإستقلال، مع ولادة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بتقسيماتها الإدارية المخترعه في 30 نوفمبر 1967م إسم المحافظة الخامسة .
هذا الإسم النابي ، الذي إضطرت حضرموت على حمله، ولو كرهاً، طيلة مايقرب من 13 عاماً ، قبل أن يُعاد اليها إسمها الأصلي مطلع الثمانينات.
وربما، كانت هناك أسبابٌ أخرى وقفت حينها تبرر تلك التسمية الرقمية الغريبة...والتي مازالت إلى يوم الناس هذا ، تملك من قوة الإستمرار ماجعل الرقم 5 ،هو المفتاح المروري لإرقام السيارات في حضرموت ، كما هوأيضاً ، المدخل التليفوني لها في دليل الهاتف.
وإذا كان إسم حضرموت في البلدان قد جذب - قديماً- علماء الصرف والنحو باعتباره إسماً مركباً على طريقة ما أسموه بالتركيب المزجي، وأن علماء الجيولوجيا - حديثاً - مازالوا يشيرون إلى شذوذ واديها ، وادي حضرموت ، عن القاعدة المعروفه عندهم في أن الأودية تضيق في أعاليها وتتسع في أدانيها كلما آقتربت من مصباتها . إلا إن وادينا - سقاه الله - قد شذّ عن هذه القاعدة ، فهو على النقيض يتسع في أعلاه ويضيق في أدناه.
واللافت للنظر إن الرقم 5 ، مهما رسمناه على الطريقة الغبارية أو الطريقة الهوائية . مازال حتى اللحظة يشكل أحد المعالم المسؤوله عن بناء " روزنامة" الخصوصية الحضرمية " المفترى عليها".
فبعد التأكيد على أنّ لطرق حضرموت السالكة منها وغير السالكة ، خمس عقبات رئيسية هي عقبة عبدالله غريب وعقبة المعدي وعقبة كنينة وعقبة الجحي وعقبة شتنة. كما أنٌ لها ، أي حضرموت، خمس صادرات تاريخية هي اللبان، المُر ، والبُرد الحضرمية، والرجال المهاجرون ، والعنبر الشحري ..كما كانت المدن التاريخية في حضرموت خمساً . ثلاثٌ منها للدوله القعيطية واثنتان للدوله الكثيرية ، فقد دامت الدولة الأخيرة زهاء خمسة قرون ، بينما لم تدم " دولة بن مقيص" في حضرموت أيضاً ، سوى خمسة أيام.
وباستثناء مقولات خمس تسللت الى حضرموت مع عصور الإنحطاط وهي " ماسيبي" و " تفخسس تسلم" و" من قال له يتعرض" و " من قام سار عنكلوا له " و " إيش لك في المديني يامشنق عيونك" ......فإنّ كل شيء آخر في حضرموت هو من طبيعة الأشياء ...ففي هذه البلاد ناسٌ ككل الناس ، لكلٍ منهم خمس أصابع وخمس حواس..
*- بقلم : محمد سالم قطن – الشحر
*- نشر في صحيفة الأيام فبراير 1999م