على بوابة قصر المؤتمرات بالرياض .. الجنرال الذي أكاتبه

2016-05-07 07:22
على بوابة قصر المؤتمرات بالرياض .. الجنرال الذي أكاتبه
شبوه برس - خاص - الرياض

 

عند بوابة قصر المؤتمرات بالرياض ترجل اللواء عبدالله علي عليوه متثاقلاً مضيت نحوه فرحاً بلقاءه وهو الأخ والصديق القريب للعقل والوجدان. كادت العبرات تخنقني وأنا أعانق عمي عبدالله فالعمر لم يعد العمر والزمن لم يعد الزمن والتيه أتسع وأصبح بلا أفق.

تذكرت زمن مضى ونحن نازحين في سوادية البيضاء عد أحداث يناير في عدن عام 1986م بين تلك الجبال المسودّه الكئيبة وبن عليوه ببدلته العسكرية المطرزة بالنياشين يبعث في النازحين والمشردين روح الأمل بالعودة للديار قريباً.

ثلاثه عقود أنصرمت وها نحن نلتقي في تيه جديد في قلب الصحراء العربية هذه المره، برغم الحزن والألم إلا أن كبرياء الجنرال لم تفارق محياه، كان عصياً على الإنكسار. الجنرال عليوه ليس جنرال ماركيز الذي لم يجد من يكاتبه برغم تردده المستمر على مكتب البريد لعل وعسى أن يتذكره أحد، بل جنرال من نوع فريد، كانت حياته خضم من الصراع فكل نصر يلد هزيمة وكل هزيمة تلد منفى وكل منفى يلد حلم وأمل بالعوده، ليس هنالك فراغ ولا رتابه في هذه الحياة المشحونة، صحيح اليوم يلبس الثوب الأبيض والعمامه بدل الميري لكن قامة الجنرال لازالت منتصبة وعقله لازال متقد. في هذا المكان يمثل عليوه الجنرال المحترف والعسكرية المهنية الصميمية لكن ربما وبفعل عوامل كثيره تراجع دور هذا النوع من الضباط في ظل تنامي الدور المهيمن لسوق الحرب الذي يعرض فيه كلٍ بضاعته فالشيخ يعرض قبائله، والحزب يعرض مقاتليه، وأمراء الحرب يعرضون مليشياتهم حتى قطاع الطرق وخريجي السجون والمهربين يعرضون خدماتهم أما القاعده ليست أستثناء فقد صارت جزء من هذا السوق فهي تنسحب بإتفاق وتظهر بإيعاز.

 

في هذا السوق تلخبطت الحسابات لدى صانع القرار في الإقليم وأشتبه عليه الأمر بين (من بكى ممن تباكى). لم تقصر السعودية ودول التحالف وقاموا بالواجب وأكثر لإسقاط المشروع الإنقلابي لكن في سوق الحرب هذه صار البزنس أو ما يسمى بـ (تجاره الحرب) هو القضية الأولى للكثيرين لذلك لا يريد هؤلا أن تنتهي الحرب، واليمنيون على كل حال كما قال ذات يوم المفكر الكبير محمد عبدالملك المتوكل (عندما أنتهت حضارتهم صارت الحرب تجارتهم). صارت الأموال المجتباه على هامش هذه الحرب تذهب نحو دبي وأسطنبول وعواصم أخرى ووصلت حمى الشراء لدى هؤلا للنوادي الليلة وصالات القمار والشعب ينحدر إلى هاوية لا قرار لها من الفقر والجوع والمرض، هذا السلوك مكن الحوثي - عفاش أن يجلس نداً لند على طاولة التفاوض في الكويت.

 

عليوه الجنرال ليس جزء من هذا السوق لكنه جزء من المأساة بالإنتماء وهو يحاول التعايش مع هذا الوضع كأمر واقع صار أكبر من الكل. لدى الجنرال عليوه الكثير ليقوله ويفعله لكن الجنرالات الأكبر لا يرغبون سماع قائدهم السابق لأن كل شي موجود في هذه الحرب إلا الحرب.

 

*- بقلم - صالح الجبواني – دبلوماسي جنوبي سابق