حينما تموت النسور قهرا .. رحم الله العقيد طيار "عبدالعزيز علي الصبيحي"

2020-09-20 15:21
حينما تموت النسور قهرا .. رحم الله العقيد طيار "عبدالعزيز علي الصبيحي"
شبوه برس - خـاص - عـــدن

 

الله يرحم العقيد طيار "عبدالعزيز علي محمد الصبيحي" الذي مات معتصما بالأمل عرفته عندما كان طالباً متميزاً في كلية القوات الجوية والدفاع الجوي في معسكر بدر خورمكسر عدن كان في الدفعة الثالثة طالبا متقدا بالحيوية والنشاط والانضباط

وفي عام 1989 تخرج برتبة ملازم ثاني دبلوم أحمر هيكل ومحرك تم توزعه على طائرات النقل العسكري انتنوف 12

وأنا كنت حينها أعمل على طايرات النقل العسكري انتنوف 26 .كانت لدينا في عدن السرب الرابع 8 طائرات انتنوف 26 ذات النقل الخفيف 5 طن و 4 طائرات انتنوف 12 ذات النقل المتوسط 20 طن

بينما كانت صنعاء تملك ثلاث طائرات ذات النقل الصغير  فقط.

عملنا معاً حتى اجتياح الجنوب 1994

بعدها جمعتا صنعاء  على طائرات النقل الثقيل اليوشن 76 ذات النقل الثقيل 50 طن الذي تم شراها شراءها ١٩٩٤م الغاشمة من قبل قيادة جيش الجنوب المهزوم. كانت ثلاث طائرات وكنا ثلاثي مهندسون   الفقيد العقيد عبدالعزيز الدامر وعبدالحكيم محسن فضل وأنا. أخذنا دو تحويلة على يد مهندسين وطيارين من سوريا الشقيقة ومن العراق الشقيقة حيث كان لديهم هذا الصنف من الطائرات قبلنا. تخرجنا من الدوره بتفوق وبعد الدورة كان هناك برنامج تصنيف المهندسين مستويات علمية وعملية. عمل امتحان مستوى من قبل لجان متخصصة ،وكنا مجموعة كبيرة.كانت المستويات سابع وخامس وثالث.نحن الثلاثة حصلنا على المستوى  السابع بتفوق وبقية الزملاء حصلوا على الخامس والثالث

لم يرضي اخوننا في صنعا حصولنا على المستوى الاعلى  (السابع) فتم تنزيلات إلى  المستوى الخامس رغما عناّ. بعد اجتياز الدورة النظرية والعملية تسلمنا مهام مهندسين رفوف وكل وحد استلم طائرة.

كنا نعمل بجد واجتهاد.كان مهندس الطيران عبدالعزيز الدامر  اكثرنا انضباطا ونشاطا ومرحا رغم الشعور بالهزيمة. كان المرحوم بشوش المحيا لا تفارق الابتسامه وجه الأسمر الوسيم خفيف الظل سريع البديهة

مرهف الحس وحاضر الذهن وجميل الفكاهة. رغم ما كان يتحلى به من انضباط جاد في عمله  ومواقف شجاعة وحرية إرادة وقوة شكيمة وثقة واعتزاز بالنفس. إذ لم يخضع لأحد يحاول التسلط أو التنمر  البلطجي عليه أو على زملاءة. وهذه ما جعله محبوبا عند الجميع.

في 2004 افترقنا كرها لا اختيارا ونحن في سن الشابا إذ احلت أنا  للتقاعد القصري

وتم تحويل  زميلي عبدالعزيز وعبدالحكيم  من مهندسين ارضيين الى مهندسين جويين يطيرون على الطائرات اليوشن. في 2018 كنت في مدينة الشعب في وزارة التربيه لعمل بعض المعاملات لمدرسة الصداقة العربية الصينية التي اسستها مع بعض المهاجرين في كوانجو بالصين الشعبية.

وبيننا كنت في طريق للخروج من ديوان الوزارة  لمحت الزميل العزيز عبدالعزيز.

كان نحيل القامة شاحب الوجه تبدو على ملامحه مظالم الدنيا كلها. افتح وجه حينما رأني بعد افتراق طويل وتقدمت اليه وسلمت عليك وقلت له: وين عبدالعزيز الدامر الذي أعرفه؟ ماذا اصابك صديقي سلامات.شكى لي ظروفه ووضعه المعيشي  الصعب ومرض ابنه واحوال اسرته واشياء  كثيره تبادلنا الحديث حولها. قال لي: والعبرة تغص في حلقه بصوت خفيض أنت صالح المحبشي؟ قلت له نعم. قال لي: تبهذلنا بعد أن قطعت معاشتنا ونحن نسور السماء. واضاف مهندس الطيار الذي كان مضرب المثل في الشجاعة والحيوية والاقدام أنا اقيم هنا  في هذا الشارع كنت اقول لك تعال تتغذي معي لكن البيت مش ادء مقامك يا بن عبد وأنت كريم عزيز ومكانتك غالية يازميل الأرض والفضاء.

أحسست بأن الدينا دارت بي سبع دورات وأنا انصت إلى نبرة الانكسار والهزيمة في صوته وهو المثل الاعلى للشهامة والشجاعة والإقدام. فكرت أن أعزهم أنا  في مطعم يليق بنا ونحن نسور السماء وقد عشنا أيام قاسية في صنعاء وبسرعة مباغتة عزفت عن الفكرة. إذ ابتسمت في وجهه ووضعت يدي على كتفه وقلت له: البيت بأهلها وليست بجدرانها أنت من يشرف المقام وأنا سعيد بشوفتك. واخذته بيده وقلت له سوف اجي اتغدى  عندك في البيت، تعال نأخذ كيلو سمك ونتغدى مع الأولاد. انطلقت اساريره ولم يجب كان سعيداً جداً باني جيت بيته

وكنت أريد اشوف اولاده وأخفق عليه من همه بتوجية بعض النصائح لأني رأيته على وشك أن يفقد عقله  في حالة يرثى لها  انهكته هموم العيش وما باليد حيلة. قلت له: لو درات بك الأرض اسكنها وعلينا أن نتقبل وضعنا إذا لم يكن بمقدورنا تغييره.

أخذني إلى بيته المتواضع جدا وعرفت سبب ما أصاب صاحبي.كان ينصت لي باهتمام وهو الذكي الحليم.

قبل حوالي شهر مررت بساحت الاعتصام أمام بوابة التحالف قابلته وسلمت عليك وكان يريد أن اجلس جنبه ليكلمني

قلت له: سوف اسلم على بعض الزملاء وأرجع اليك. سلمت وانشغلت ورجعت له متاخرا ولم اجده. ولم نلتقي بعدها ابدا واليوم صدمت بخبر وفاته أمام بوابة التحالف وندمت وحزنت كثراً لعدم تلبيتي لطلبه في الجلوس بجانبه في الساحة لعله كان يريد أن يشكي لي همه ولعلي اقدر اساعده. ولكن قدر الله وما شاء فعل  ما ينفع الندم بعد فوات الاون. مات زميلي عبدالعزيز الدامر اليوم الف رحمة ونور تغشاه.  وحين تواصلت مع بعض الزملاء اخبروني انه مريض فيه القلب ورحت اليوم اعزي أهله كان في العزاء اعمامه واخوه وابنه حسين وثلاثة من الدفعة الثالث زملائه لبيب والقعيطي والبكري وعدد من الجيران

علمت منهم انه كان مصاب بضمور في عضلة القلب منذ سنة ونصف وما عنده امكانية للعلاج إذ  طلب منه ستة الف دولار

وكان يستخدم بعض المسكنات وفي الفترة الأخيرة لم يتمكن من شراء الادوية بسسب انقطاع الراتب وفي فجر اليوم الخميس حصل له اختناق والم شديد في الصدر

ادى الى وفاته أنا لله وأنا اليه راجعون.

رحل المهندس ولم يفقد الأمل وآخر ما قاله للأصدقاء في ساحة الاعتصام قبل أن يغادر الساحة بشكل نهائي ,إلى رحمة الله ,

صمودنا هنا يشعرني بالراحة النفسية , رغم المعاناة التي نعانيها جراء الظلم, فنحن إمل المواطنين يارفاق الفقيد الطيار عبدالعزيز الصبيحي خمسة أشهر لم يستلم راتبه ويعاني حالة معيشية ضنكه" مثله مثل بقية الكثير الذين لم يستلموا رواتبهم وأصبحت ديونهم ثقيلة لأصحاب البقالات والخضار وغيرهم , من أول يوم إعتصام إلى,يوم أمس اليل كان معتصم حتى توفاه الله بسكتة قلبية. هل تعلمون أن في ساحة الإعتصام يوجد الأمل بالخلاص هولاء الذين يخوضون ملحمة المطالب الحقوقية لشعبهم , دون استسلام ورضوخ للمغريات .مصرين على تنفيذ كافة المطالب .هم أشرف القاده الذين لم يتنازلوا عن حقوقكم , فهل تشعرون" أنه شهيد الاعتصام

الف رحمة ونور تغشاه في مثواه

*- صالح المحبشي ابو مهيب