العالم مقبل على عصر أكثر عدلا وسلام وأمن

كان الإتحاد السوفيتي والمعسكر الإشتراكي وحركة التحرر الوطني والحركة العمالية وأحزابها في البلدان الرأسمالية، يشكل عبىء اقتصادي ثقيل على روسيا الإتحادية، وتخلصت روسيا الاتحادية من هذا العبىء بتفكيك الإتحاد السوفيتي، مما أدى إلى انتعاش روسيا اقتصاديا وتكنولوجيا وعلميا ، بتسخيرها تلك الموارد التي كانت تصرفها على تلك التشكيلات الثلاث ، لإنعاش روسيا اقتصاديا وتكنولوجيا وعلميا ، وهذا ما ظهر واضحا من تطور روسيا الاتحادية اليوم .

إن التحالف الأمريكي الأوروبي ، يريد إيقاف هذا التطور الاقتصادي والتكنولوجي والعلمي لروسيا ، لأن ذلك قد عزز من مكانة روسيا على الساحة الدولية ، وجعلها منافسا سياسيا وعسكريا واقتصاديا ، يهدد المصالح الغير مشروعة للحلف الأمريكي الأوروبي على مستوى العالم ، المعتمدة على القوة والابتزاز والاحتيال والاحتكار ، لهذا السبب أثار الحلف الأمريكي الأوروبي الحرب في أوكرانيا ، بهدف إيقاف تقدم روسيا على كافة المستويات من خلال توريطها في أوكرانيا ، ليجعل أوكرانيا مستنقعا كالمستنقع الأفغاني يؤدي إلى تفكك روسيا الاتحادية كتفكك الإتحاد السوفيتي ، لكن لا أعتقد إن الروس لم يعملوا كل الاحتياطيات لذلك ، كما إن أوكرانيا تختلف عن أفغانستان من جميع النواحي .

إن الهدف الأساسي من توريط روسيا في أوكرانيا ، هو أضعافها أولا ، ثم لتحييدها عن الصراع الأساسي ثانيا ، والذي يتمثل في الصراع الإقتصادي البحت ، بين الحلف الأمريكي الأوروبي والصين ، والذي أساسه التنافس الاقتصادي الحر ، من خلال إنتاج بضائع عالية الجودة بأسعار زهيدة ، وهم يريدون إيقاف تفوق الصين في ذلك ولو بالقوة أو بالعقوبات ، كما تعاملوا مع روسيا اليوم ، لكن بالنسبة لإستخدام القوة سواء مع روسيا أو الصين أمر غير ممكن ، لكون الدولتان تمتلكان سلاح الردع النووي ، الذي يعني إستخدامه نهاية البشرية بشكل عام ، أما بالنسبة للعقوبات فقد أثبت فشلها ، فشل العقوبات على إيران وكوبا وفنزويلا وكوريا الشمالية وروسيا اليوم .

من كل تلك المعطيات يظهر لنا إن الصراع سيكون صراع إقتصادي حر ، أساسه التنافس على إنتاج بضائع عالية الجودة بأسعار زهيدة ، وهذا المجال بات واضحا فيه تفوق الصين على الحلف الأمريكي الأوروبي وعلى روسيا أيضا ، هذا يوحي لنا بأن دول حلف الأطلسي ستصل يوما ما إلى قناعة من عدم جدوى هذا الحلف وستحله ، لأن عصر استخدام القوة على وشك الزوال ، مما يعني زوال عصر القطب الواحد ليظهر عصر الأقطاب المتعددة ، الذي يعتمد على مبدأ التنافس الإقتصادي الحر الذي أساسه التنافس على إنتاج بضائع عالية الجودة بأسعار زهيدة ، مما يعني أنا مقبلون على عصر أكثر عدلا وسلام وامن.

*- سالم صالح بن هارون