خطاب اخوان حضرموت الذي يقوم على العدائية للجنوب ويقصد بالجنوب يافع والضالع تحديداً
يركز على مرحلة تاريخية لا تتعدى ثلاثة وعشرون عاماً وهي مرحلة الجبهة القومية وتحولاتها المتطرفة نحو الاشتراكية .
بينما يطمس حقائق تاريخية عن شراكة جنوبية حضرمية على مبدأ الدفاع الوطني دامت لأكثر من خمسمائة عام ومازالت .
على ان مرحلة القومية لم تكن صناعة مناطقية بطبيعة الفكرة القومية ذاتها العابرة ليس فقط للحدود المناطقية والقبلية
بل هي عابرة للحدود الوطنية تتبنى مشروعاً قومياً عربياً يجمع الاوطان العربية برمتها في وحدة عربية مركزية .
هناك وجه شبه بين المضمون القومي والاخواني من جهة العبور فوق الحدود الوطنية مع الفرق في النطاق فالقومية ذات نطاق اصغر يرتبط بالجغرافيا العربية والاخوانية مبنية على العالمية الاسلامية .
ان بكائيات اخوان حضرموت المثيرة للضحك غارقة في السطحية وتحويل حضرموت الى ضحية مغلوب على أمرها في الفعل القومي الذي اجتاح الجنوب كله حينها وكانت حضرموت في قيادته منتجة للأدبيات الفكرية القومية ورائدة وقائدة للتحركات الشعبية المناصرة للفكرة القومية من المكلا الى عدن .
وعند مراجعة بسيطة لاشكالات العهد القومي في الجنوب سنجد ان جميع السلطنات الجنوبية اصطدمت بالمد القومي كلها دون استثناء وسقطت تحت ضربات القوميين .
وان كل سلطنة كان منها شباباً قادوا مرحلة هدمها من نفس ابناء السلطنات وليس من خارجها بل ان بعض الاسر السلطانية انتجت منها هي امراء جذبتهم القومية وثوريتها وانضموا للحركة .
كانت السلطنة القعيطية اليافعية الحضرمية احد ضحايا الثوار القوميين الحضارم لم يأتي أحد من يافع ولا من الضالع ولا من ابين ولا حتى من شبوة القريبة من حضرموت .
وبالمراجعة التاريخية ستجد ان العداء المتأصل وكل مفردات الاحتقار المتبادل هو بالأساس بين صنعاء كمركز حكم توسعي بالعثمانيين او بالأئمة الزيدية وبين مركز الصد التاريخي الجنوبي الذي يسمى المثلث اليوم وعلى رأسه يافع .
وليس بين المثلث وحضرموت ابداً ،،
حيث حرمت الشراكة الحضرمية مع المثلث تاريخياً الأحلام التوسعية التي تنطلق من صنعاء بالعثمانية والزيدية نحو شواطئ بحر العرب .
وحتى ماقبل العهد العثماني بقرون كانت المعادلة ذاتها قائمة .
اليوم نشهد فصلاً من الصراع يعود بنفس المعطيات التاريخية ويقف اخوان حضرموت في نفس المربع العدائي لمثلث الصد الجنوبي وتحالفه التاريخي مع حضرموت .
*- سعيد بكران ـ باحث وكاتب سياسي