صورة تعبيرية
في الوقت الذي تخوض فيه القوات الجنوبية معارك متعددة لحماية الأمن والاستقرار في المحافظات المحررة، تطفو على السطح معركة أخرى أقل صخبًا لكنها لا تقل خطورة، تدور رحاها داخل المساجد، حيث يُتهم حزب الإصلاح – الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن – باستخدام المنابر الدينية للتحريض ضد القوات الجنوبية وتشويه المشروع الوطني الجنوبي.
منبر الجمعة.. منصة سياسية؟
وفقًا لمصادر الجريدة بوست وشهادات متكررة في شبوة وأبين ووادي حضرموت، تستمر بعض المساجد الواقعة خارج نطاق السيطرة الأمنية الكاملة في تبني خطاب ديني مسيّس يهاجم المجلس الانتقالي الجنوبي وقواته الأمنية والعسكرية. ويُتهم خطباء محسوبون على حزب الإصلاح باستغلال خطب الجمعة والمناسبات الدينية لنشر أفكار عدائية وتحريضية، تتستر خلف شعارات دينية لكنها تمارس التحريض العلني على القوات الجنوبية وتصفها بـ”بالصهاينة” أو “عملاء الإمارات”.
التغلغل في الوعي الشعبي
يرى مراقبون أن حزب الإصلاح، وبعد تضييق الخناق عليه عسكريًا في معظم محافظات الجنوب، لجأ إلى أدوات ناعمة أكثر فاعلية على المدى البعيد، وفي مقدمتها المسجد. إذ يتم استخدام المنبر لتأليب الرأي العام المحلي، وبث خطاب يشكك في شرعية القوات الجنوبية، ويصوّر القيادة الجنوبية كأداة أجنبية تسعى لتمزيق اليمن، في حين يتم تغييب أو تبرير جرائم الحوثيين والتقليل من خطرهم.
ويؤكد للجريدة بوست أحد أئمة المساجد في شبوة، طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن “هناك خطباء يتلقون توجيهات من شخصيات إصلاحية معروفة، ويتم تحفيزهم ماليًا لمواصلة هذا النهج”، مضيفًا أن “بعض الخطب تُعد مسبقًا ولا علاقة لها بالدين بقدر ما تعكس أجندة سياسية”.
خطاب يهدد السلم المجتمعي
لم يتوقف الأمر عند التحريض السياسي، بل امتد إلى تغذية الانقسام المناطقي، حيث يشير ناشطون جنوبيون إلى استخدام الخطباء المنتمين للإصلاح لخطاب يُثير النعرات بين مناطق جنوبية مختلفة، في محاولة لضرب النسيج الاجتماعي من الداخل، وتشتيت الجبهة الداخلية التي تمثل القاعدة الصلبة للمشروع الجنوبي.
وفي هذا السياق، يقول الناشط الحقوقي عبدالله حسين الكازمي من أبين: “نحن لا نمانع حرية الكلمة، لكن عندما يتحول المنبر الديني إلى بوق فتنة وتحريض واستهداف للأمن، فهذا أمر خطير ويجب وقفه بحزم”.
استجابة جنوبية… ولكن بحذر
تسعى الجهات المختصة في بعض المحافظات الجنوبية، لا سيما عدن ولحج وأبين وشبوة وسقطرى إلى ضبط الخطاب الديني، عبر تعيين خطباء وسطيين وتفعيل الرقابة على المساجد، غير أن الأمر ما يزال أكثر تعقيدًا في محافظات كشبوة وعدن ووادي حضرموت، حيث لا تزال بعض المساجد خاضعة لسيطرة عناصر محسوبة على الإصلاح.
ويؤكد مسؤول في وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن أن “هناك خطة لتوحيد الخطاب الديني بعيدًا عن التسييس، لكن المشكلة تكمن في المساجد التي تدار من قبل جهات غير خاضعة للسلطة الشرعية في الجنوب، وهذا ما نعمل على معالجته بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية”.
خاتمة: المسجد ليس ساحة صراع
يبقى المسجد رمزًا دينيًا جامعًا لا ينبغي أن يتحول إلى ساحة صراع سياسي أو أداة تحريض. ومع استمرار حزب الإصلاح في استغلال هذه المنابر لأهدافه الخاصة، فإن الحاجة تبدو ملحة لتطهير المساجد من الخطاب المتطرف، وتفعيل الرقابة القانونية والدينية، حفاظًا على قدسية المنبر، وصونًا للسلم الأهلي في الجنوب.
*- شبوة برس – الجريدة بوست