سباق إقليمي ودولي محموم على من يستولي على المنطقة عبر ثغور الجنوب العربي

2025-07-01 14:14

 

 

 نشأت المسألة اليمنية منذ الانقلاب على النظام الملكي في اليمن عام 1962  بتدخل خارجي ارعب دول الجوار في المنطقة على مدى ثمانية سنوات اقتصر فيها الخوف مجرد خوف على دول الجوار والبلد الوحيد الذي وصلته واخترقته  (المسألة اليمنية)  هو الجنوب العربي  بتواطؤ بريطاني ذلك البلد الذي كان يتهيأ لحصوله على الاستقلال في 9يناير1968 أسوة لسلطنة عمان ودولة الخليج العربي الأخرى  فامتدت اليه لهب الصراع  وعجلت باستقلاله إلى 30نوفمبر1967 بتغيير تسميته التاريخية والسياسية والقانونية إلى دولة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ثم عام1970 تم تغيير التسمية إلى دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية .. بينما توصل ملك السعودية فيصل بن عبد العزيز ورئيس مصر جمال عبد الناصر بعد كارثة هزيمة يونيو حزيران 1967 إلى اتفاق حول المسألة اليمنية ومصالحة بين الجمهوريين والملكيين عام 1970 لتجد دولة الجنوب نفسها معزولة عن محيطها العربي ومتعلقة بدول المنظومة الاشتراكية والاتحاد السوفييتي..

 الحالة تتكرر في المشهد حاليا

مع إيران التي لديها مشروع توسعي اصطدم مع المشروع التوسعي الاسرائيلي في مطلع يونيو 2025 وتعرضت اسرائيل ولا اقول مشروعها لهزيمة قاسية أمام إيران .. وقبلت بها مؤقتا على مضض (وقف إطلاق النار) مرغمة لإعادة ترتيب  أوراقها  وقوتها مع احتمال تنفذ هجوما غادرا وخاطفا كعادتها في الحروب على إيران في أية لحظة على أمل تدمير قوتها الصاروخية  وقلب نظام الحكم فيها  وإخضاع المنطقة لمشروعها التوسعي دولة اسرائيل الكبرى إلى المدينة المنورة  ..

 ويبقى موضوع الحوثيين ومشروع اليمن الكبرى  وهم أحد أذرع  ايران المهمة في المنطقة  ومن خلالهم وعن طريق تمسكهم  بالوحدة اليمنية  الفاشلة والتي ماتت منذ عام   1994 تراهن إيران  على إحكام السيطرة على باب المندب  لتنفرد بالتحكم  بالملاحة في مياه الخليج العربي  ومياه البحرين العربي والاحمر ومضيقي هرمز وباب المندب .. 

 

فإذا تمكن الحوثيون  ونصفهم الآخر المتخادم  معهم في الشرعية من ذلك  تكون استعادت إيران إمبراطورية فارس للتحكم في المصالح الدولية وطرق التجارة ومنها طريق رأس  الرجاء الصالح  وليس البحر الاحمر ( السويس وباب المندب) وطريق الحرير  ومضيق هرمز فحسب  ..وهو حلم لن يبارح قادة إيران حتى يتم  سد الفراغ في أهم موقع استراتيجي تحلم به كل من إيران وإسرائيل وتتسابقان عليه لتحقيق اطماعهما في المنطقة عبر ثغوره ..وذلك الفراغ لن تسده  أساطيل حربية أو جيوش لدول فمثل هكذا عمل سيقابله عدة أعمال  مناهضة له من قبل دول اخرى  حفاظا على مصالحها أو تحقيقا لاطماع توسعية لديها هي الأخرى  ولايوجد حل ممكن غير استعادة التوازن الجيوسياسي المفقود بقيام دولة الجنوب العربي المتحدة كاملة السيادة والاستقلال  وفقا لميثاق الأمم المتحدة والعهود الدولية ودعم قدراتها الدفاعية .. فهذه الدولة هي الضامنة الوحيدة للتوازن الجيوسياسي وأمن واستقرار دول وشعوب المنطقة ومصالح مختلف الأطراف الإقليمية والدولية و بقيامها تتراجع الأطماع التوسعية لكافة الاطراف في المنطقة العربية وتحديدا شرق السويس وتيأس إيران من حلمها وتتعامل مع مختلف دول المنطقة على مبدأ قاعدة المصالح والمنافع المتبادلة   .. 

 

وفي الجانب الآخر  يراهن المشروع الاسرائيلي على الشرعية اليمنية المدعومة من السعودية على إحكام سيطرتها على الجنوب العربي باسم الوحدة اليمنية لتحقيق من خلال ذلك حلمها بقيام دولة اسرائيل الكبرى لكن هذا المشروع الاسرائيلي  سيتلاشى أمام الواقع الدولي المحكوم بالمواثيق  والعهود الدولية المؤيدة فعليا لحق شعب الجنوب العربي باستعادة استقلاله وهويته العربية وقيام دولته وهنا سيكون مشروع دولة اسرائيل عدمي وغير قابل للتحقيق موضوعيا  رغم أنه يلتقي مع الأطراف اليمنية الأخرى المتخادمة في تدمير السعودية والسيطرة على الجنوب العربي  وقيام اليمن الكبرى  من ضفاف الخليج إلى مشارف جنوب مكة المكرمة   ولا يهمه أن كان ذلك يحدث بالتعاون مع المشروع الإيراني أو المشروع الاسرائيلي لأن مشروع اليمن الكبرى لن يكون إلا بنجاح وانتصار أحد المشروعين....

 

 ان الأمر المثير للاستغراب هو الموقف العربي المتفرج على شعب الجنوب العربي وهو يجابه ثلاثة مشاريع جميعها تستهدف دول الجزيرة والخليج كافة ومصر ثم المنطقة العربية برمتها والأغرب أن دول التحالف العربي الذي انتصر لها شعب الجنوب العربي   تجامل الأطراف اليمنية  على حساب شعب الجنوب وقضيته الوطنية العادلة  رضوخا تحت تهديدات الأطراف اليمنية لها  بإلغاء معاهدات دولية غير قابلة اساسا للالغاء  أن هي ساعدت شعب الجنوب على استعادة دولته.. مع أن مايعتمل في اليمن وفي الجنوب وفي المنطقة اكبر من الحدود واخطر .. وفي كل الأحوال  تظل مصر هي  ربان سفينة العروبة في وجه التحديات والمصاعب التي تواجه أمة العرب  وتستحق من كل دول العرب  الالتفاف معها ودعم سياساتها الخارجية  ودعم اقتصادياتها لخلق التوازن العسكري الرادع  لكل تلك المشاريع وسباقها المحموم حساب الوجود العربي وثرواته ومعتقداته..

 

 

 الباحث/ علي محمد السليماني