في السابع من يوليو عام ١٩٩٤م هزمنا المحتل اليمني الذي جلبناه بأيدينا ،ليحقق البيض وحدة يمنية لم يكن عفاش ومنظومة الحكم اليمنية وشعبه يفكر فيها بنفس الذهنية الساذجة التي فكر بها البيض وغيره من القومجيين المتمركسين،من عبطائنا الجنوبيين ،ومعهم يمانية شماليون ،كانوا يبحثون عن مشروعية للاستيلاء على السلطة في الجنوب ،فلم يكتفوا بالقومية والاممية ،بل كان لابد لهم من حسم تلك المشروعية بالادعاء أن الجنوب هو شطر جنوبي وبلدهم شطر شمالي يشكلان على حد تعبير علي باذيب اليمن الطبيعية.
وباسم هذه اليمن الطبيعية ،تم التضحية بالجنوب بدون قيد أو شرط في الثاني والعشرين من مايو عام ١٩٩٠م. من قبل شخص لسنا ندري ماذا كان يريد منا ومن بلدنا بالضبط منذ أن تم اسنقطابه إلى احدى التنظيمات وهو فتى في العشرين من عمره ؟!
حتى إذا غادرت بريطانيا بلدنا وجدته يثير الفوضى فيها منذ اليوم الأول للاستقلال مع شلة ضحت ببلدنا على مذابح الأفكار الزائفة (الأيديولوجيا)
فهو يساري متطرف ضد النظام الوطني الوليد بقيادة قحطان الشعبي،لكنه ليس لديه مشكلة أن يسلم بلدنا لشيخ قبلي مغرق في يمينيته ورجعيته!كما فعل في ٢٢مايو عام ١٩٩٠م،وعندما اتضحت له الحقيقة المرة واكتشف خطيئته التي ترقى الى مستوى الخيانة ندم (ولات حين ندم!!)
وكان يحسب ان الطامعين في أرض الجنوب سيفرطون بسهولة فيه ،كما فعل هو ،فراح يعد العدة ،لاستعادة سلطة لم يكن أهلا لها ،والا قد كانت بيده عندما كان وزيرا للدفاع, في أول حكومة شكلها سيد الرؤساء قحطان محمد الشعبي، بعد رحيل بريطانيا.لكنه ابى إلا أن يعارض الرئيس ويطيحه! ثم وجدته يعارض سالم ربيع بعد أن نضج هذا الأخير، ولم يهدأ له بال حتى اطاحه ،ثم عارض علي ناصر ،الذي قام بتصفية من تبقى من الرفاق ،وهزم وتشرد ،مع اخرين ،ولم. يبق إلا البيض،وبعد اربع سنوات ألقى بالجميع في التهلكة ليحقق وحدة لا وجود لها إلا في الخيالات الاشبه بخيالات المهلوسين.!
كان العبيط يظن أن صالحا واجهزته الامنية غافلين عن منظمات حزبه في جمهوريته ،وخيل إليه إنه في أول انتخابات تجرى في ظل وحدته سيكتسحها ويصير رئيسا على اليمن الطبيعية أو اليمن الكبير!
لكن صالح كان مستعدا لكل شيء ومتهيأ لكل الاحتمالات ،بما في ذلك انتفاضة البيض ضد خيبته ،واذ اتضحت للبيض حقيقة صالح ومنظومة الحكم والذهنية التي تفكر بها ولاسيما ازاء الجنوب ،اراد أن يستقل بالجنوب بعد أن ضحى باستقلاله فكانت حرب ١٩٩٤ التي اعلنها عفاش في ٢٧ أبريل ١٩٩٤م حيث قضى على أقوى الالوية الجنوبية التي استدرجها إلى حرف سفيان وذمار في حركة تنقلات الالوية،التي كان يشرف عليها وزير الدفاع الجنوبي،فطوق صالح وعلي محسن قواتنا وسرعان ماقضيا عليها،بينما نشر أهم الويته في ابين ليمنع أي امداد عن العاصمة عدن! من اربع محافظات جنوبية!!
وليحاصرها حتى .دحرت قواته المدافعين الجنوبيين الذين لم ياتهم المدد بفعل سذاجة البيض ،ووزير دفاعه الذي غرر به عندما كان رئيسا لهيئة الاركان في الجنوب وعضوا مرشحا للمكتب السياسي ،لأنه حسم الصراع مع زمرة علي ناصر لصالح طعمة البيض ،وهو مااستغله صالح ليحسم حربه الاولى على الجنوب في ٧يوليو عام ١٩٩٤م مستعينا بمسمياتنا الزمرة ضد الطغمة ، في ما اسماه بيوم النصر العظيم،للحفاظ على الوحدة التي باسمها قاتلونا وحاصرونا مرتين ،وسيعيدون الكرة ،والسبب هو أننا سلمناهم بلدنا، أو قل سلمهم شخص ما بلدنا ،بعد أن ملأ نظام الحماقات التاريخية ،الثرثار العالم ضجيجا عما اسماه وحدة الشعب اليمني،طيلة عقدين من الزمان في أكبر خديعة يتعرض لهاوطن مغلوب على امره ،من قبل قوى مشبوهة كانت تعمل ضده، بعضها بوعي تنفيذا لمخطط تامري رسم في مكتب المندوب السامي البريطاني وفي صنعاء الامامية ثم الجمهورية.وبعضها انساق وراء الأكذوبة بحسن نيات ،لنكتشف اننا في الأخير ازاء طامع لم يكن ليفكر بنفس ذهنيتنا الساذجة ،بل كان أسير اطماعه في بلدنا،وحقده الدفين على شعبه.والدليل على ذلك أنه دمر كل مايذكرنا ويربطنا بهويتنا ،فلم يبق لنا على تعليم ،ولاصناعة ولا زراعة!
وباسم الحفاظ على الوحدة لامانع لديه من أن يبيدنا عن بكرة ابينا لو تهيأت ظروف ملائمة له ،فما نحن في نظره إلا هنود وصومال.