شهيد الغدر "محمود شودري": التقى مع أهل عدن داخل المعتقل

2025-08-12 22:13
شهيد الغدر "محمود شودري": التقى مع أهل عدن داخل المعتقل
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

رحم الله كل من استشهد في تلك الايام الدموية ألتي اسموها الرفاق السبع المجيدة تنذكر وما تنعاد.ايام اللحس ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

تحياتي لك ايها العزيز الغالي حبيبنا Saeed Ali Aulaqi الذي أصبح وعن جدارة ذاكرة عدن والله ، ماشاء الله تبارك عليه وكأنه محمد حسنين هيكل يرحمه الله وهو يسرد سيره الحياة في مصر ،،، (جلال محفوظ سالم)

 

جزى الله الأستاذ سعيد علي العولقي خير الجزاء Saeed Ali Aulaqi  , فلقد وفى وكفى في نقل ماجرى لأبناء عدن في تلك الحقبة الكئيبة في الأيام السوداء التي أسموها الرفاق ( السبع المجيدة ) الله لا عادها وتنذكر وما تنعاد .

رحم الله كل من عاش هذا الجحيم وتوفى وبخاصة شهيد الغدر القامة العدنية المغفور له بإذن الله تعالى [ محمود شودري ] رحمة واسعة وغفر له و أسكنه الفردوس الأعلى من الجنة

ملاحظة لابد منها :- 

{{ استاذ سعيد ، استميحك عذراً أنني قد أخدت منشورك هذا دونما استئذان منك }}

محمود شودري.. كان أمر سجن عدن المركزي حتئ نهاية عهد الاستعمار البريطاني.. قبل رحيل الانجليز تعرض لمحاولة اطلاق النار لاغتياله صدها بيده واصيب كفه بجرح بالغ سافر علئ اثره للعلاج في لندن وعولج هناك ورجع، وبقي اثر الجرح واضحاً علئ كفه.. مثله كان كثيرون من كبار من كبار الموظفين في عدن مطلوبون للتصفية الجسدية.. اي القتل وقتل منهم من قتل ونجئ من نجا وفر من فر.. عرفت الشودري عن قرب حين تزاملنا بعد بضع سنين في العنبر (البراق) الاوسط في معسكر ردفان بالعريش في خور مكسر الذي تحول الئ معتقل كبير اثناء ما سميت بالسبع الايام المجيدة!! 

   هناك كانني رأيت اهل عدن كلهم داخل المعتقل.. قضاة.. اداريون كبار.. معلمون.. وادباء وكتاب.. ومستشارون.. ومناضلون قدامئ.. وحتئ كبير الياوران لقحطان الشعبي كان معنا هناك.. وكثيرون من خلق الله كانوا ايضاً هناك.. كنت في سطح العنبر علئ بطانية سمح لكل منا بواحدة مثلها بين عبده بديجي.. ومحمود شودري... والئ جانبنا الحاج عبده جبل صاحب كشك قدام سوق البلدية نشتري منه السجائر. 

   يسمح للمعتقلين بالطعام والملابس واغراض اخرئ تدخل اليهم من بيوتهم.. مرة قال لي الشودري ان عنده كلام سر يريد ان يفصح به الي.. وصلته من زوجته ثياب وفرشاة اسنان وصابون... وتسعة شلنات وباولة(اربع عانات) واثار ذلك دهشته وتعجبه.. قال لي: انا فلوسي كثيرة والحمدلله(كان يتلقئ من بريطانيا معاشه الشهري بالكامل، علاوة علئ معاش صحي علئ اصابته.. وفي نظرنا كان ذلك يجعله من الاثرياء المبسوطين) سألني: ايش معناته الحرمة توصي لي9شلن وباوله؟؟ لابد ان هناك رسالة ما تريد ايصالها لي!! وكان عبده بديجي يتسمع.. سالته:ماهي هذه الرسالة؟ فاجاب بثقة:هي اما ان اعتقالنا سيمتد9ايام واربع ساعات.. او تسعة اسابيع واربعة ايام.. او، لكن لا يمكن.. او يمكن تسعة شهور واربعة ايام!! قال البديجي ساخراً:ايوه.. وعلئ كذا يمكن كمان تسع سنين، واربعة شهور!! هيا اسمعوا.. بطلوا ذي المغشامة والصفاط البايخ.. وخلوها علئ الله.. توالم علينا نجيب عون واخو المحامي عبدالله عولقي كاتب العرضحالات والموشجي كابتن الكبة وياسين ابكر صاحب الليوة الشعبية وغيره.. قلت لكم عدن كلها كانت هنا.. واجمعوا علئ ان الاخ الشودري انسان جدادي وصاحب تصانيف.. وصبرنا. 

   ذات يوم فقد الاستاذ والاديب الكبير كمال حيدر اعصابه وقرر قائلا بالانجليزية ان يخرج"آي ول ووك اوت"ومشئ الئ الخارج عازما علئ الخروج.. لكن جندي الحراسة-وكان من تلاميذه في المدرسة- لحق به وتوسل اليه قائلاً يااستاذي!! ارجوك لاتفعل بي هكذا؟! ورضخ الاستاذ كمال بهدوء ورجع.. كنا نتفرج وصفقنا له بحرارة. 

  من خارج سور المعسكر كنا نشاهد جحافل ومواكب الشغيلة والكادحين والفلاحين الفقراء والبدو الرحل وحلفائهم الطبقيين يتجولون منشدين اغنية طبقية ميه في الميه تقول: ياشغيلة بلدنا ياالجموع الغفيرة.. ناضلوا واعملوا وابنو يمننا السعيدة.. ويرفعون بنادق وفؤوس ومناجل  واشباهها من اكسسوارات رعب ذلك الزمن المرتبك.... والمسألة ببساطة شديدة التي جعلت الناس يتظاهرون مطالبين بتخفيض الرواتب كانت لتسهيل عمل الدولة المشارفة علئ الافلاس.. وتمكينها من التخفيض وتأميم كل المساكن والمتاجر والبيوت ومابقي من معامل او شركات بعيداً علئ التأميم.. حتئ اني رأيت كما زملائي تأميم مطعم النعمي في مؤسسة14 الكتوبر، ووالله حتئ اشهر محل عصيد اكلت فيه مرات جرئ الاستيلاء عليه!!! 

   وبعد شهرين او اقل تم الافراج عنا لنندمج في دنيا بقية الادميين.. وبطل تخوف الحكومة من ردة الفعل الشعبية المحتملة التي لايقدر شعبنا المدجن علئ الاتيان بها.. ولنرجع الئ الشودري، واعذروني علئ الاطالة التي سرقتني.. في ملعب الهوكي الكائن قدام قصر الشكر حق سلطان العبادل كان الشودري مع جعفر مرشد بسيارته يتسامران ويحتسيان البيرة كل ليلة.. وكنت القاهما هناك في نوبتي الليلية بالجريدة التي كان مقرها، وقتها، في ذلك القصر.. ومرشد كان هو مصحح بروفات جريدتنا. ومرت ايام الشودري بهناء وسعادة بمرتب المعاشين الذي ترسله له بريطانيا.. اشترئ بيتا في عمارة جديدة بنيت قدام سوق البلدية.. وهناك كان في خدمته الاخ الرباطي الذي يلبي له كل طلباته من السوق.. والرباطي كان من عناصر امن الدولة القابض علئ البلاد بيد من حديد..... في يوم اغبر مر علئ صداقة الاثنين.. الرباطي.. والشودري.. وفي الفجر كعادة كل يوم تلقئ الرباطي امرا بالتخلص من الشودري بالقتل في حادث يبدو وكانه حادث مروري!! وفعلاً قام بتنفيذ القتل بنجاج.. في الفجر بؤرة الفجر  كان المارة قليلون.. والرباطي يسوق السيارة ويدهس بها الشودري.. روحة وجيئة فوق جسم الشودري.. الئ الامام والئ الوراء.. الئ ان لفظ المسكين آخر انفاسه... من رأئ الحادث فر بجلده.. ولم يسمع احد باحد بعد ذلك. وان سمع.. فلن يجرؤ احد علئ الكلام. 

   وياشغيلة بلدنا ياالجموع الغفيرة.

سعيد عولقي

من صفحة Saeed Ali Aulaqi