*- شبوة برس - سعيد عولقي
(الجاسوس) اظن انني قد رويت هذه الحالة من قبل، ولكن لابأس من مزيد من الثرثرة باعتصار الذاكرة مادام ليس على الكلام جمرك..!!
طائرة ركاب اقلعت من الكويت في طريقها الى صنعاء.. من بين ركابها 4 اميركيين، 3نساء ورجل واحد هو الجاسوس المزعوم في حكايتنا وقد نسيت اسمه.. قبل وصول الطائرة صنعاء ابلغها برج مطار صنعاء باستحالة الهبوط لسوءالاحوال الجوية، فغيرت الطائرة وجهتها وهبطت في مطار عدن.. ونقل الاميركي مع زميلاته الى فندق سي فيو هوتيل..
العصر قام الاميركي بكاميرته بالتجوال في النواحي المحيطة بالفندق والتقط العديد من الصور التي لفتت نظره كاستاذ جغرافيا يعمل مدرساً في دولة الكويت.. لكن واحداً من افراد امن الدولة شك في الامر واقتاد مدرس الجغرافيا الى وزارة امن الدولة وامر من هناك بايداعه السجن للتحقيق معه، واظهر التحقيق الذي ارادوه بأن هذا الشخص الاميركي الامبريالي ماهو الا جاسوس اميركي عدو متخفي في شخصية مدرس.. وتقرر تقديمه للمحاكمة.. وبعد 6 اشهر تقريباً عقدت المحاكمة برئاسة القاضي عبدالواسع نعمان (الذي ترقى الى وزير عدل فيما بعد، وبعد الوحدة تعرض في صنعاء الى محاولة اغتيال فقد فيها احدى عينيه)
ولقد كلفت من جريدة 14 اكتوبر لتغطية المحاكمة وحظرت المحاكمة في منتصف السبعينيات في ذروة مجد الرئيس سالم ربيع علي"سالمين"..ودارت جولات المحاكمة المحزنة.. وحضر المحاكمة السفير البريطاني نيابة عن اميركا التي يمثلها كذلك.. ووكان المحامي "مودي"الاشهر في عدن يمثل المتهم بالتجسس، وتالفت هيئة محلفين من نحو 10 من الافراد اذكر منهم الرباطي ومحمد عبده ومن شاكلهم من عيال عدن وكلهم من جماعة امن الدولة !!!وكان ملخص مرافعة الدفاع التي تكرم بتسليمي نسخة منها علئ النحو التالي:
1. ان نية اتهام موكلي بالتجسس باطلة لانه اساساً لم يكن يقصد زيارة عدن التي ارغمت رحلته بانزاله فيها بسبب الاجوأء ..
2.ان الصور التي التقطها -- ونسخها امامكم -- لا تصور مواقع عسكرية، وهذه الصخور التي التقطتها كاميرته لا تكشف اي شي من جبل حديد.
3. ان كاميرا التصوير ليست (خصوصية) مثلما زعم زميلي المدعي، وبالامكان شراؤها او حتى افضل منها من الدكاكين في اي بلد
4.ان اي موقع في هذه الانحاء يمكن تصويره بسهوله بواسطة الاقمار الاصطناعية.
5. خلاصة قولي هو ان موكلي بريء من التهمة الموجهة له واطالب عدالتكم بالافراج الفوري عن.
بعد المداولة حكم القاضي بالسجن 6سنوات على المتهم. !!
رأيت المسكين ينهار من طوله باكياً والسفير البريطاني يرفعه مؤازراً.
في الجريدة سالني رئيس التحرير سالم عمر حسين عن الخبر.. قلت له الخبر فاشوش.. هل ننشر الوقائع؟
قال لي: انشر.
في اميركا كان ابو المتهم مريض وامه تتابع مع النائب بول فندلي المسألة وتطلب منه الحل مقابل انتخابهم له فقرر المجيء الى عدن ولقاء كبيرها بعد اكتمال نحو سنة او اقل من سجن الجاسوس المزعوم... وبعد جهود مضنية رتبوا له لقاء مع الرئيس سالمين ولقيه وتداولا في كثير من الامور سجلها في كتابه "من يجرؤ على الكلام؟ "
كان سالمين عالماً طبعاً بسبب زيارة السيناتور وكان الكلام الذي دار بين الاثنين يبشر بالامل الكبير ليس للسجين فحسب ولكن للعلاقات بين بلدنا واميركا ونحن. !!
ابتسم سالمين مفصحاً عن سنته الذهبية وهو يربت بيده على ظهر فندلي ويقول له :
لدي لك مفاجأة قبل ان تخرج من عندي، واشار بيده فجاؤا له بالسجين المتهم وهو في افضل حلله.. واخذه بول بيده وهو منتشياً بانتصاره.
بعد اكثر من سنة قرأت كتاب بول فندلي..
وكلما تملت ذاكرتي منظر الجاسوس المزعوم وهو ينهار باكياً:لا. لا. لا يمكن تمتليء نفسي بالكدر من عبث الاقدار