عدن ليست مجرد مدينة على هامش الجغرافيا بل ميناء التاريخ وملتقى الحضارات وبوابة البحار التي عرفت التجارة والثقافة قبل أن يعرف كثير من العواصم معنى المدنية هي المدينة التي عزفت على وتر الزمن فكانت شاهدة على الإمبراطوريات العابرة وموطئ أقدام التجار والمستكشفين ومرفأً للأمل نحو العالم.
لكن هذه الجوهرة البحرية تحولت إلى أنقاض بفعل الإنسان قبل الطبيعة عقود من الصراعات السياسية التي مزقتها من جهل وتخلف حاكميها وثوارٍ قالوا إنهم حرروها، لكنهم قيّدوا روحها وأحالوها إلى ساحة فوضى. تقطّع نسيجها الاجتماعي وضاع أهلها بين مطامع الداخل وأطماع الخارج.
واليوم عدن منكوبة حتى من المطر. بضع قطرات حولتها إلى مدينة غارقة طرق مغشوش شوارع غارقة بالوحل كهرباء ضائعة في ذاكرة الفقدان، وخطوط مياه منهارة فيما التاريخ يصرخ في وجوه الجميع: هذه عدن العريقة تُهان بهذا الشكل
عدن ليست مجرد مدينة منكوبة بل هي مأساة عالمية إذ كيف تُترك مدينة بمكانتها الجغرافية الفريدة حيث يلتقي البحر بالعالم لتُختطف بهذا الشكل البائس
لتنحني الرؤوس خجلًا أمام عدن المدينة التي منحت العالم موقعًا لا يقدّر بثمن وتلقّت من العالم صمتًا وعجزًا وإهمالًا.
عدن تبكي
ومن لا يبكي معها فقد فقد إنسانيته
تحياتي
*- العلفي أمذيب ناصر الحنشي