الأزمة الراهنة لم تعد تكمن في غياب التشخيص وأُس الصراع، بل في تجاهل الحقيقة الأساس، أن هناك شعبان متمايزان تاريخياً، ثقافيا وهويّاتياً، شعب الجنوب العربي وشعب اليمن.
في 1990 فُرض مشروع وحدة قسرية سرعان ما انكشفت هشاشته في أولى سنواته، ليتحول إلى مشروع غزو سياسي وعسكري يمني للجنوب في عام 1994، وبعدها جرت محاولات استكمال يمننة الجنوب وطمس هويته وهو ما أدخل الطرفين في صراع مفتوح.
اليوم، بينما يصر الجنوبيون على استعادة حقهم في تقرير مصيرهم، تتمسك قوى يمنية والأحزاب اليمنية المؤدلجة في الشرعية بوهم "وحدة" لا أساس لها، وليس لديها مانع من أجل ذلك أن تسلّم البلاد كلها رهينة للحوثي حمايةً لمصالحها، غير مكترثة بالشعبين ومصائرهما.
النتيجة هي، أن الجنوب واليمن معاً أصبحا ساحة لتصفية الحسابات الدولية الخارجية وللجماعات الإرهابية العابرة للحدود، فيما يبقى الخلاص مرهوناً بإدراك المجتمع الدولي أولاً، والنخب السياسي في الشعبين ثانياً، أن استقرار الإقليم يبدأ بالاعتراف بواقع أننا شعبين لا شعب واحد.