عندما عُيِّن رشاد العليمي رئيسًا لما يُسَمَّى "مجلس القيادة الرئاسي" في أبريل عام 2022م، كان يعلم أنه غير مرحب به في الجنوب هو وغيره من المتآمرين اليمنيين.
فحاول العليمي الظهور بمظهر السياسي العقلاني المتعاطف مع الجنوبيين، المتفهم لقضيتهم، والمقدر لتضحياتهم التي جعلت آخر عُطَايَاهُمْ يوقع اتفاقية ثالثة للتخلي عن بلدهم. ولا يتورع عن أن يعجل بتحقيق الهدف التآمري، لظنه أنه يأتي بما لم تستطعه الأوائل، ليدخل التاريخ من ثغرة فيه، ويخرج منه من أوسع أبوابه!
أي نعم، بدا العليمي وكأنه السياسي اليمني الوحدوي العقلاني الذي يكن كل الحب والتقدير لشعب الجنوب الوحدوي الذي ضحى بأرضه من أجل الوحدة. والحقيقة أن شعب الجنوب قد فُرِضَت عليه تلك الوحدة بالسيف، من قبل نظام قمعي أُرعُن! وبإيعاز من المحتل البريطاني لصنائع مكتب المندوب السامي في الجبهة القومية وحلفائها.
وكان للتيار اليمني في الجبهة القومية - وهو الذي أسس ما يُسمى بحركة القوميين العرب - دور كبير في استدراج بعض الجنوبيين حسني النيات، أو سذَجِهم، الذين ربما كان بعضهم يجهل أن ما يُسمى بالوحدة اليمنية هي مؤامرة بريطانية يمنية لفرض احتلال آخر على الجنوب، ينسيهم معاناتهم طويلة الأمد مع الاحتلال البريطاني بمعاناة أشد وأسوأ مع الاحتلال اليمني!
وخلال 23 عامًا، قاد التيار اليمني في الجبهة القومية عدة مؤامرات، بدءًا من انقلاب 22 يونيو عام 1969م، ثم 26 يونيو عام 1978م، وحتى 13 يناير عام 1986م، ليصل الجنوب إلى طريق مسدود، فسلمه البيض لمحتل أخبث وأخطر.
وإذ انتفض الجنوب رافضًا وحدة الإذلال، وتمكن من تحرير أرضه في عام 2015، وبعد 7 سنين من تحريره، يفرض المجتمع الدولي والإقليمي عليه يمنيًّا يحكمه في عقر داره، كما حدث في عامي 1969 و1978م. يحاول أن يظهر بمظهر المحب للجنوبيين، وهو في الحقيقة أخطر أعدائهم وأشرس الحاقدين عليهم! ففي عهده ساءت أوضاعهم كما لم تسؤ من قبل، إذ تدهورت حياتهم المعيشية، وقُطعت رواتبهم، وساءت الخدمات، وانفلت الأمن. ليشتت انتباه شعب الجنوب عن قضيته بفرض حصار جائر عليه، وفي المقابل يوعز لطابوره الخامس بتوجيه الاتهام إلى قيادته السياسية الجنوبية بتحميلها أسباب معاناته.
العليمي يقتل الجنوبيين، ويمشي في جنازتهم! ذارفًا دموع التماسيح.