بيان الرياض: تداعيات التقسيم وتآكل شرعية المجلس الرئاسي
*- شبوة برس - د. توفيق جوزوليت (*)
يؤكد صدور البيان من العاصمة السعودية الرياض أن المجلس الرئاسي اليمني لا يزال خاضعًا للوصاية، مما يفقده الشرعية السياسية. كما يخلو البيان من أي إجراءات عملية تهدف إلى حل الملفات العالقة والحساسة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والمجلس الرئاسي.
واللجنة القانونية التي أُعلن عن تشكيلها خلال اجتماع الرياض هي هيئة استشارية غير ملزمة، إذ تستمد سلطتها من الإرادة السياسية وليس من القانون، مما يجعل توصياتها معرضة لأن تبقى حبرًا على ورق. كما أن هذه اللجنة لن تعيد الثقة بين الطرفين؛ لأنها لا تتناول القضايا الجوهرية التي تتمحور حول عاملين أساسيين:
أولاً: ملف المرتبات والخدمات في الجنوب، الذي يعد من أكبر إخفاقات المجلس الرئاسي بصفته صاحب القرار المالي والتنفيذي.
ثانياً: انعدام الثقة بين الرئيسين الزبيدي والعليمي، وهو انعكاس لصراع مشروعين سياسيين: مشروع شمالي يسعى للحفاظ على وحدة الدولة اليمنية ولو بشكل شكلي، ومشروع جنوبي يهدف إلى استعادة الدولة الجنوبية. وهذا الخلاف يتعمق كلما فشل المجلس الرئاسي في تقديم حلول عملية لأزمات الخدمات والمرتبات والأمن.
يمثل بيان الرياض تراجعًا سياسيًا للانتقالي الجنوبي والقضية الجنوبية، مما يستدعي إعادة صياغة الأولويات والعمل على إنشاء إعلام خارجي يوضح أن القضية الجنوبية ليست خلافًا محليًا محدودًا، بل هي قضية شعب يسعى لاستعادة دولته وفقًا للقانون الدولي، والتصدي لمحاولات تشويه صورة الجنوب وتصويره كحركة انفصالية غير مسؤولة.
إلى جانب ذلك، يجب تعزيز التواصل الدولي نظرًا لأهميته، وبناء علاقات مباشرة مع العواصم المؤثرة مثل واشنطن ولندن وباريس، وتفعيل الحضور في الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية لعرض قضايا المرتبات والخدمات وحقوق الإنسان كملفات سياسية وليس إدارية فقط، وذلك لكسر العزلة التي يسعى خصوم الجنوب إلى تكريسها بعد بيان الرياض.
كما يجب العمل على تخفيف حدة الخلاف مع الرياض، عبر التأكيد أن الخطوات الجنوبية ليست موجهة ضد التحالف أو المجتمع الدولي، وعبر تقديم نموذج إدارة محلية ناجح يثبت قدرة الجنوب على إدارة نفسه بكفاءة.
*- – أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس – المغرب العربي