التحديات الحقيقية في الجنوب.. بين الجغرافيا والمصالح السياسية

2025-10-18 06:41
التحديات الحقيقية في الجنوب.. بين الجغرافيا والمصالح السياسية
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

*- شبوة برس - لطفي الداحمة

تشهد المحافظات الشرقية، وتحديداً شبوة وحضرموت والمهرة، تصاعداً في النزاع السياسي الذي يتجاوز الحدود الإقليمية، متأثراً بمصالح متشابكة على المستويين المحلي والدولي، القضايا تجاوزت الخلافات المحدودة وتحولت إلى مواجهات استراتيجية بين مشاريع سياسية واقتصادية متضاربة تتنافس على النفوذ والموارد ومناطق التأثير الحيوية.

 

يتعدى المشهد النزاعات الإدارية البسيطة، إذ تتقاطع رؤى طويلة الأمد مع محاولات إعادة رسم موازين القوى في الموانئ والثروات الطبيعية، هذه المناطق اكتسبت أهمية استراتيجية كبيرة، وبرزت كمحور لتوازنات إقليمية دقيقة، ما يسلط الضوء على الدور الحيوي للجنوب في خارطة النفوذ السياسي والاقتصادي.

 

إقليمياً وداخلياً، تسعى بعض القوى إلى التعامل مع هذه المناطق وفق مصالح ضيقة، متجاوزة حاجات التنمية والاستقرار، ما حولها من فضاءات للاستثمار إلى ساحات مواجهة سياسية وإعلامية متصاعدة.

 

تواجه القضية الجنوبية، لا سيما في حضرموت، تحديات سياسية مرتبطة بتعدد الولاءات واختلاف الرؤى، ما يزيد صعوبة تحقيق توافق داخلي واستقرار مؤسسي، إذا لم تعتمد مقاربة هادئة لإعادة ترتيب الصفوف وتخفيف التوترات الداخلية.

 

فعالية أكتوبر الأخيرة شكلت محطة مهمة، وقد أظهر الحضور الجماهيري الكبير والتنظيم المتميز استمرار المساندة الشعبية للمجلس الانتقالي، هذا الزخم يطرح سؤالاً جوهرياً، هل يمكن تحويله إلى مشروع سياسي شامل يعيد بناء الثقة ويوحد الصفوف، أم سيظل مجرد رمز حضوري لمناسبة عابرة؟

 

قراءة هذا النجاح بعين السياسة الواقعية تمثل خطوة حاسمة نحو مستقبل أكثر تماسكاً، فالقوة الحقيقية لأي مشروع لا تقاس بالحضور الجماهيري وحده، اعتماداً على القدرة في احتواء الجميع وفتح مساحات مشتركة للحوار والتفاهم، بما يعزز وحدة الصف الجنوبي ويحد من التوترات الداخلية.

 

الجنوب بحاجة إلى مشروع وطني جامع يضع مصلحة الأرض والإنسان فوق أي اعتبارات أخرى، فالوضع القائم لا يحتمل التشرذم، ويتطلب خطاباً متزناً يستوعب المتغيرات المحلية والإقليمية، مع منح فرصة لإعادة التنظيم قبل أن تتسع الفجوة وتضيع فرص السلام والاستقرار، نجاح المجلس الانتقالي يعتمد في تحويل الدعم الجماهيري إلى مشروع سياسي قادر على تحقيق التنمية وصون مصالح المنطقة الاستراتيجية محلياً وإقليمياً.