في سفاراتنا المسماة سفارات اليمن، يتقاضى جميع الموظفين فيها من السفير حتى فراش السفارة رواتبهم بالدولار، وهذا أمر طبيعي.
لكن غير الطبيعي، بل المؤسف والمخجل، أن يأتي مواطن من الوطن إلى دولة أخرى للعلاج أو الدراسة أو لأي ظرف خاص، فيُستنزف ما لديه من مصروفات في الغربة، بسبب ما تفرضه بعض السفارات من جبايات وضريبة مقابل كل خدمة من واجبها تجاه مواطنيها. فهل هؤلاء بشر بصفة دبلوماسية أم مجرد كائنات تمارس الجباية؟ وأي دبلوماسية هذه التي تتفرغ لاختراع مشاريع ضرائب داخل القنصليات والسفارات؟
السفارة في أي مكان في العالم تمثل الدولة أمام دولة أخرى، وهي لسان حالها في العلاقات السياسية، ومهمتها إحياء التعاون الثقافي والتعليمي والاقتصادي، والتفكير في مشاريع التوأمة والشراكة بين الدول.
لكن ماذا يفعل سفراؤنا المعينون بالتوصيات؟ وما مهام الملحقين الثقافيين والعسكريين والإعلاميين؟ وأين هو التنسيق بين طواقم السفارات والدولة التي يمثلونها؟
إذا لم يكن السفير مؤهلاً بخبرة سياسية أو دبلوماسية، كأن يكون وزيرًا سابقًا أو متخصصًا في العلاقات الدولية، فما الجدوى من وجوده؟ وما الفائدة من طاقم سفارة يعمل بتوجيهات أشخاص نافذين لمصالحهم الخاصة؟
لابد من إعداد خريطة واضحة لتوزيع سفاراتنا وقنصلياتنا في العالم، وتحديد مدى ضرورتها وجدواها، مع مراجعة التكلفة المالية الشهرية والسنوية لهذه البعثات، وما تحقق من إنجازات فعلية نتيجة وجودها.
هل الغرض من هذه السفارات توظيف المقربين فقط؟ أم أنها تؤدي واجبًا وطنيًا حقيقيًا؟
بلادنا بحاجة إلى شباب ورجال متسلحين بالوعي والإرادة ليحلّوا محل القيادات الفاسدة، أكانت سياسية أو عسكرية أو اقتصادية. نحن بحاجة إلى رجال أحرار يرفضون الإذلال والارتهان، ويعيشون بمستوى المسؤولية الوطنية والإنسانية.
إلى أين نحن ماضون يا حكومة العصابات والتوريث السلطوي؟ البلاد تُخرَّب على أيدي جماعات سلطة لا على أيدي حكّام دولة. فهل من انقلاب وطني يعيد الأمور إلى نصابها ويقلب الطاولة على رؤوس المفسدين؟
الأمل بالله كبير، ولا حدود له.