شبوة برس – صالح شائف
يعيش الجنوب مرحلة حساسة تتقاطع فيها ضغوط الواقع الداخلي مع ترتيبات خطة السلام في اليمن التي دخلت مراحلها الأخيرة. وفي ظل هذه المتغيرات، تبرز ضرورة اتخاذ المجلس الانتقالي خطوات عاجلة تعزز حضور الجنوب وتحمي قضيته من التهميش.
على صعيد العلاقة مع الشرعية والتحالف، تتطلب المرحلة وضع رؤية عملية وواضحة للتعامل مع الشرعية خلال الفترة المقبلة، بناء على تقييم شامل لتجربة الشراكة خلال الأعوام الماضية وما نتج عنها من آثار على حياة الناس وعلى القضية الجنوبية. كما يصبح لزاما مطالبة التحالف بتحديد موقف صريح من تعطّل تنفيذ اتفاق ومشاورات الرياض ومصير التفاهمات السابقة، إلى جانب تقديم تصور عملي للرباعية يحدد موقف الانتقالي من استمرار الشراكة أو تعليقها وفق شروط واضحة تضمن حق الجنوبيين في إدارة شؤونهم.
وتبرز أهمية تحديد سقف زمني لهذه الشراكة بعيدًا عن ربط مصير الجنوب بمآلات صنعاء، خصوصًا بعد تحوّل سلطة الأمر الواقع هناك إلى طرف رئيسي في المشاورات الجارية بغياب الشرعية والانتقالي، مما يضاعف المخاوف حيال موقع القضية الجنوبية في مسار التسوية. وفي حال تجاهل رؤية الانتقالي من قبل الشرعية أو التحالف، يصبح فرض واقع جنوبي مستقل ضرورة لحماية حق الجنوب في تقرير مصيره.
داخليًا، يشير الوضع العام إلى حالة ركود في تفعيل مخرجات الحوار الوطني الجنوبي، وتوقف التواصل مع القوى التي لم تشارك في اللقاء التشاوري. ويستدعي ذلك استئناف الحوار بآليات أسرع وأكثر فاعلية وصولًا إلى مؤتمر وطني جنوبي واسع تتولى الدعوة له قيادة الانتقالي بحكم مكانته ودوره. ويهدف المؤتمر لتوحيد الرؤية الجنوبية وبناء جبهة وطنية متماسكة دون إقصاء لأي مكوّن أو شخصية ذات حضور.
كما تبرز الحاجة إلى تشكيل لجنة تحضيرية عليا تضم ممثلين عن مختلف القوى، إضافة إلى لجان فرعية متخصصة، بما يضمن إطارًا عمليًا لإدارة التوافق الوطني. ولكي يتمكن المجلس من مواجهة التحديات، يصبح من الضروري تفعيل مؤسساته وإجراء تغييرات في هياكله وفق متطلبات المرحلة، لإدارتها بكفاءة ومسؤولية.
وفي الجانب المعيشي، تفرض الأوضاع الكارثية التي يعيشها المواطنون ضرورة مواصلة الإصلاحات الاقتصادية والإدارية ودعم الحكومة في مواجهة التحديات، لأن نجاح القيادة الجنوبية بات مرتبطًا بقدرتها على تحسين حياة الناس وتخفيف معاناتهم، بعد أن فقدت الشعارات والوعود أي تأثير.
وفي الختام، تأمل هذه الرؤية المختصرة أن تجد الاهتمام اللازم من كل المعنيين بمستقبل الجنوب ووحدته، بما يضمن له أن يكون سيد قراره على أرضه.