رسالة مفتوحة الى رؤساء مكونات الحراك الجنوبي السلمي

2013-10-09 15:18
رسالة مفتوحة الى رؤساء مكونات الحراك الجنوبي السلمي
شبوة برس- خاص المكلا

الاخوة الاعزاء :

        أهديكم تحياتي وارجو أن تتسع صدوركم لبعض الملاحظات وأن تتحملوني بضع دقائق ، حتى وإن كنت ، ربما ، لا أروق لبعضكم . فالمسألة أكبر من أن نحصرها في دائرة الحب والكراهية أو الارتياح وعدم الارتياح .

       أعرف أن العارف لا يُعرّف ، ولكن ما يجري في الجنوب وحوله يثير القلق ويستثير الشعور بالمسؤلية لدى كل غيور على الجنوب وشعب الجنوب .

      فاليمن والقضية الجنوبية ، يقفان على مفترق طرق . وفي هذه اللحظة التاريخية ستتحدد ملامح المستقبل ، ولا اقول الحل ، لأن الحل  في الاخير هو ما يرتضيه شعب الجنوب ، صاحب الحق الحصري في تقرير مصيره .

      لا يختلف اثنان من ان السلاح الامضى بيد شعب الجنوب في معركته من أجل الانتصار لقضيته هو وحدة الصف الجنوبي .

و إذا كان الحراك الجنوبي هو الحامل السياسي للقضية الجنوبية ، فإن وحدة مكونات الحراك تصبح هي حجر الاساس في العملية برمتها . و بالتالي ، فأنتم كرؤساء لهذه المكونات تتحملون مسؤلية تاريخية في هذا الصدد .

  وشئتم أم  ابيتم ، فأنتم في نظر التاريخ  و في نظر الآخرين ، يجمعكم إنتماء واحد ( جنوبيون ) .  و يمكن النظر لهذه المسألة على مستويين :

أ‌-      مستوى التعبير السياسي والتنظيمي عن القضية الجنوبية .

ب‌-    مستوى الإنتماء لتاريخ مشترك ، وإن بتفاوت في الامتداد الزمني من حالة لأخرى . فأنتم في الحد الادنى شركاء في مواجهة عدوان عام 94م  ( في بعض الحالات تمتد الشراكة رأسياً و أفقياً الى ابعد من ذلك بكثير ) .

و كجنوبيين ، فأنتم شركاء في الماضي كما في المستقبل . فكيف يمكن أن لا تكونوا شركاء في الحاضر ؟.

       حالة القطيعة بينكم تقدم نموذجاً سلبياً لا يبعث على الفخر لقيم التسامح والتصالح ، ما يهدد بإنقسام عمودي حاد في المجتمع الجنوبي ، و يهدر الكثير من الفرص في الوصول الى الحل الذي يتطلع إليه  شعب الجنوب .

الى جانب الاتفاق على الحل النهائي ، فأنتم ، في حدود ما نعلم  ، تمثلون المشروع الوطني الجنوبي في بناء الدولة المدنية الحديثة على أسس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والفدرالية ( في إطار الجنوب ) .

استطيع القول وبكل ثقة و إطمئنان أن ما يجمع بينكم  أكثر ألف مرة مما كان يجمع بين ستالين ، من ناحية ، وروزفلت وتشرشل ، من ناحية اخرى .

بل ربما لا نحتاج للذهاب بعيداً إلى الحرب العالمية الثانية ، فقبل وقت ليس ببعيد ، اصدر عدد من الجنوبيين ( بالميلاد ) بيان الــ ( 52 ) حول ما سُمّي ( الاقليم الشرقي ) ، رغم تعدد اجنداتهم و إنتماءاتهم السياسية والفكرية .

فهل يعقل أن يجد من يستهدفون القضية الجنوبية ما يتفقون عليه ، بينما يعجز من يخدمونها ، عن مجرد اللقاء ، ناهيك عن أن يتفقوا على موقف موحد تجاه ما يسمى بالحوار الوطني  ومخرجاته ، مثلا ؟ !

من ناحية اخرى فأن كل مكون من مكوناتكم يحتضن في صفوفه مختلف الوان الطيف الجنوبي ، ما يعني انكم قادرون على التعايش مع هذا التنوع في إطار مكوناتكم ، فما الذي يمنع التعايش بينكم ؟.

حالة  التشظي والانقسام التي تخيم على اجواء الحراك تستحضر في اذهان الكثيرين ، حالات الصراع في السابق ، وهو امر لا يبعث على الإطمئنان لدى شعب الجنوب ، ناهيك عن المجتمع الاقليمي والدولي . خاصة في ظل ما يحدث اليوم في الجنوب من إخلال متعمّد بالأمن ومن إفتعال لصراعات لا يسندها اساس موضوعي .

التوافق يستوجب البحث عن نقاط الاتفاق وتجنب أو تأجيل نقاط الاختلاف .

أنتم امام خيارين لا ثالث لهما :

1-     فإما ان تختاروا الطريق الصعب ، طريق التوافق . وهو طريق مثمر ، يمكن ان يؤدي في الاخير الى إتفاق . وفي النهاية يكسب الجميع .

2-     او ان تختاروا الطريق السهل ، طريق القطيعة ، وهو طريق مدمر سيؤدي الى ما لا تحمد عقباه . و يخسر في نهايته الجميع .

لا شك انكم تدركون ان اعداء شعب الجنوب وخصومه ، لا يوفرون جهداً للتخريب على القضية الجنوبية  مستخدمين في ذلك كل ما هو متاح لديهم من ادوات بما في ذلك الادوات المحلية .  و لذلك ، لابد من ان بالنضج الكافي للتصدي لهذه المخططات وان لا نقدم لخصومنا خدمات مجانية على طبق من ذهب ونصبح ( كالأخسرين اعمالا ) .

ختاماً ، ايها الاخوة :

هذا ليس كلاماً عاطفياً ، بل هو على العكس تماماً ، دعوة لتحكيم العقل ، وتسريح العواطف او منها اجازة .

فوحدة الحراك حاجة و ضرورة ، وهي مطلوبة اليوم و ليس غداً . و وحدة الحراك لا تعني بالضرورة الوحدة التنظيمية . فبالإمكان البحث في اي صيغة مناسبة تؤمّن العمل المشترك لمواجهة إستحقاقات المرحلة . ( إئتلاف ، جبهة ، تجمع ، الخ ) .

من الجيد تشكيل لجنة تحضيرية مشتركة لتنظيم بعض فعاليات العمل الميداني ، و لكن لماذا لا نتمكّن من تشكيل هيئة موحدة لقيادة العمل السياسي و خاصة في هذا الظرف الدقيق ؟.

الاتفاق بينكم يمكن ان يشكل نواة يتشكل حولها التفاف جنوبي واسع .

في ذكرى الثورة على الاحتلال القديم ، هل يمكن ان تتفقوا على كلمة سواء في مواجهة الاحتلال الجديد ؟!

وهل لنا في هذه المناسبة الغالية ، ان نطمح في خطوة صغيرة وكبيرة في نفس الوقت  ، يمكن ان يكون لها اثر السحر في شعب الجنوب ، وتمثل ابلغ رد على ما يطبخ في صنعاء اليوم  . و هي ان تخاطبوا المليونية التاسعة في خور مكسر ، التي تشارك فيها كل المكونات ، بصورة مشتركة ، كل ٍ من موقعه ، سواء من على المنصّة او من المدينة العربية التي يتواجد فيها  ، بضع دقائق  لكل واحد منكم .

اظنكم تتفقون معي ان شعب الجنوب يستحق أكثر من ذلك .

و تقبّلوا تحياتي

 عبدالمجيد وحدين

المكلا 9 / 10 / 2013 م