لقطة للتاريخ .. سباق أرنب وسلاحف على باب صنعاء

2014-02-11 17:44

 

مقدمة

ثلاث عواصم عربية سقطت في حضن ايران ( بغداد ودمشق وبيروت ) والرابعة ( صنعاء ) في الطريق . متى تتحرك السلاحف ؟ / الدكتور عبدالله النفيسي

 

تبدو المقدمة باب كبير لكثير من المعطيات التي تتجاوز صنعاء ، بل تتجاوز الجزيرة العربية ومحيطها الملتهب ، لكن هل نعي ما هو السباق المحموم ؟؟ ، وهل نعي ما هي جائزة الفائز ؟؟ ، والأهم أن نبدأ في محاولة للتفكير والتأمل ..

 

السلاحف .. تجري

ارى أن تكون البداية من هذه الطرفة المشبعة بالمضمون كما هي المقدمة ، حيث يقال بأن سلحفاة ذهبت إلى مطعم فشاهدها النادل وقال لها : ممنوع دخول السلاحف وحملها وألقى بها بعيداً ، وبعد سنتين عادت له وقالت غاضبة : لا تمد يدك مرة أخرى وإلا سأفعل وسأفعل وسأفعل ...

 

في اليمن حدثت ربع ثورة أو شبه ثورة وكتوصيف أدق ما حدث هو فوضى بدأت في فبراير 2011م ، نتيجتها أن المتصارعين التاريخيين على السلطة والنفوذ في الجمهورية العربية اليمنية ـ يجب استيراد الحقيقة ـ أي أن دولة ما بعد انقلاب 26 سبتمبر 1962م تتدافعوا حتى بلغت القلوب الحناجر ، واصبحت صنعاء مقسمة بين طرفين يفصلهما معركة الحصبة التي كادت أن تؤدي إلى واقع جديد ..

 

أننا نتشدد هنا على إخضاع الوقائع على هيئتها الحقيقية بشكل مقصود ومتعمد ، فالصراع السياسي اليمني لم يحتمل في تاريخ اليمن على أي ثورة ، فما حدثت في العام 1962م هو انقلاب داخل البيت الزيدي كان لباسه لباس الجمهورية ، وما حدث في العام 2011م هو انقلاب فاشل أدى إلى فوضى أو هي فوضى أدت إلى الانقلاب الفاشل وفي كلا الحالتين هنالك ثمة حقيقة واحدة أن اليمن دخل أزمة على السلطة والنفوذ واستغل الطرف الاخواني الموجة وصعد عليها فلعلها في أجواء الربيع العربي تحقق ما يحلم به اهل المشروع على امتداد العالم ..

 

تدخلت دول الخليج العربية بحكم أنها تعي تفاصيل اليمن الدقيقة ، وأن كان من الجسارة اليوم هو الحديث الصريح بأن اليمن هو الحديقة الخلفية للمملكة العربية السعودية ، التدخل الخليجي كان لا يعي كثيراً حجم ما يجري في الأجواء التي كانت تتقوى ريحها مع هبوب رياح التغيير الإخوانية في العالم العربي ، غير أن المبادرة الخليجية التي نجحت في ( فض الاشتباك ) بين طرفي الصراع على السلطة والنفوذ فشلت في واقعها ومضمونها في استقراء ما هو أبعد من فض الاشتباك بين الأخوة الأعداء في صنعاء فتجاهلت بقصد أو بغير قصد القضية الجنوبية إضافة إلى قضية صعدة ..

 

الحقيقة .. الخليجيين نزعوا فتيل قنبلة الحصبة لكنهم دخلوا في دهاليز أخرى بموجب مبادرتهم التي قادت اليمن إلى نقل السلطة إلى رئيس لم يحصل فيما يطلق عليه انتخابات على أهلية الحكم في الجنوب لمشاركة لم تتجاوز 8% ، ورئيس يجتمع مع المبادرة أو مع أصحابها في ( السلحفاة ) التي حركها بأوامر منّ سلمه السلطة المخلوع علي عبدالله صالح ليغزو مدينة عدن بالدبابات في محاولة لتحقيق رغبة مدفونة بعد هزيمته في أحداث يناير 1986م ..

 

الأرنب .. وصل أولاً

في دائرة اللهاث خلف الأوهام والسراب التي جاءت تحت إطار مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد بشرعية خاطئة عبر تمثيل مشبوه صنعه عبدربه منصور هادي عبر توليفة صنعت على عجل فيما سمي ( مؤتمر شعب الجنوب ) والذي تزعمه محمد علي أحمد أحد جنرالات 1986م ، وعبر قائمة للرئيس عبدربه ليتم تمثيل الحراك الجنوبي على الورق ، وليدخل الحراك الجنوبي فندق موفنبيك لتبدأ لعبة تخالف الواقع بل تكذب حقيقة أن الجنوب غير ممثل شرعياً في المؤتمر لأنه لم يكن في صيغة المبادرة الخليجية منذ إعلانها وموافقة أطراف صراع صنعاء عليها ..

في هذا التوقيت وصل الأرنب الذي كان منتظراً بداية انطلاق السباق في معركة النفوذ والسلطة بل معركة التاريخ ، دخل الحوثي الذي خاض انقلاب 1962م ، والذي خاض ستة حروب ظالمة في سنوات الحاكم  الظالم علي عبدالله صالح ، الحوثي بالفكر الامامي الآثنى عشري والذي فتح جبهة صراع مع الجارة الكبرى السعودية قبل أن تهّب هبوب رياح الفوضى الاخوانية ، هذا الأرنب المظلوم على مدى نصف قرن ، والأرنب المضروب على مدى نصف قرن انطلق في عام 2013م تحت مسمى ( انصار الله ) ، ما حققه هذا الارنب تجاوز ما صنعته السلاحف على مدار نصف قرن تماماً ..

 

ما أن رفع عبدربه منصور هادي وثيقة الحوار حتى زحف الحوثي على كل ديار ظالميه ، فسوى تلك الديار بالأرض ، معركة لا يمكن أن تصنف بالطائفية وأن سعى من سعى إلى شيطنتها ، يستميت الإخوان تحت عباءة الإصلاح في استدعاء الشيطان لمعركة كسر الأنوف ، ولم تفلح حتى اللحظة هذه المحاولات لأن المشهد الأشمل يتجاوز حدود اليمن والعراق وسوريا ولبنان لأنه يبث حياً على الهواء مباشرة من جنيف .. يا سادة يا كرام ..

 

لقطة للتاريخ ..

كتب الدكتور خالد الدخيل في مقالة بعنوان ( الحراك الشيعي في المنطقة ) قائلاً : " ما الذي يقوله هذا المشهد ؟ يقول إن الصراع محتدم بين دول عربية لم يكتمل نضجها ، وفي حال ترهل من ناحية ، ودولة فارسية تظن أنها اكتملت بمفاهيم ومؤسسات متناقضة ، بعضها يعود للعصور الوسطى ، وبعضها الآخر ينتمي للعصر الحاضر ، من ناحية أخرى.

ويقول المشهد إن هناك وجهاً آخر للصراع : بين الدولة وتنظيمات طائفية خارجة على الدولة.

بعضها مناوئ للدول العربية ولإيران ،  والبعض الآخر مناوئ للدول العربية ، لكنه حليف لإيران أو صنيع لها.

وكلا الوجهين يؤكد أن فترة السماح التي أتاحها التاريخ لتأخر اكتمال الدولة ونضجها انتهت ، وأن الانسياق وراء إغواء هذا السماح هو الذي فجر الصراع على النحو الذي هو عليه الآن " ..

 

هي لقطة للتاريخ ، ولقطة مشمولة بكثير من الماضي وكل الحاضر وقليل من القادم ، لقطة تحتاج إلى عقلية لقطع حاد للتداخل الغير مبرر إلا في تلك العقلية المضطربة التي تحاول اليوم انتهاز فرصة السطو على السلطة في صنعاء وحتى في غيرها ، آن الأوان تماماً أن تعي السلاحف أن الأرنب يمتلك ليس مقداراً من السرعة يفوقها بل يمتلك أيضاً حاسة شم طبيعية تقوده وتدفعه ناحية ما لذ وطاب من أشهى الطعام ..

 

لقطة للتاريخ ، على الغارقين في تفاصيل المشهد الباعث للخوف والرهبة والكآبة أن يبحثوا في زواياها ليجدوا أن القدرة على استعادة الوطن هو الممكن وأن تكدست المخاوف ، وأن التحرير والاستقلال ليست شعارات صنعت في أصفهان أو في بقايا موسكو ، وأن الحناجر التي تصيح عالياً ليست مجرد قطعان إنما هي كتلة ضخمة من الحقيقة لا يمكن تجاوزها أو العبور من تحتها أو فوقها ، حقيقة أن اللقطة التاريخية تفي تماماً بالمشهد وأن كان قادماً من جنيف ..

 

أخيراً الأستاذ جمال خاشقجي يقول :

دعوا التاريخ يأخذ مجراه ونلتقي ( لتقييم الوضع ) في نهاية المرحلة

ألم نقل أنه أرنب وأنهم سلاحف .. هي لقطة للتاريخ وحسب