هل نفذ صبر الرئيس؟.

2014-08-19 19:58

 

لا ينكر عاقل مدى الحنكة وسياسة النفس الطويل التي يتمتع بهما الرئيس عبدربه منصور هادي في قيادة البلد في وقت تكالبت عليه كل مراكز وقوى الحرس القديم. ورغم كل تلك التحديات التي واجهها ولا زال يواجهها من قبل تلك القوى التي فقدت مصالحها في الحكم عام 2011م وما تلاه واستشعارها بالخطر بأنها تخسر يوم بعد يوم مواقع نفوذها سياسياً وعسكرياً وشعبياً، إلا أنه بقي مدافعاً صلباً شجاعاً، ولم يثنه ذلك عن المضي قُدماً رغم جسامة ما حاكته وتحيكه تلك القوى من مؤامرات لإفشال المشروع الوطني الذي يتبناه والمتمثل  في بناء الدولة على أسس حديثة فكان يتعامل معها تارة بحكمة وتارة أخرى يذيقها السم الزعاف.

 

فبالأمس القريب راهنت تلك القوى على إسقاطه في حادثة العرضي ولم تفلح وقبلها سلموا أبين بطريقة مخزية لأجنحتهم العسكرية الخفية المسماة تنظيم القاعدة فرّد الله كيدهم في نحورهم وانقلبوا خاسرين في أبين وفي العرضي وفي شبوة واليوم تدار المعركة الفاصلة والحاسمة في حضرموت الخير التي تسيطر تلك القوى على ثرواتها ومقدراتها وتنهبها دون وازع من دين أو ضمير.

 

لقد حاولت تلك القوى الضغط على الرئيس باستخدام سياسة لي الذراع ولم تفلح من خلال التهديد بإسقاط الجنوب وإغراقه في الفوضى اعتقاداً منها أن ذلك سيثنيه عن المضي في بناء دولة المؤسسات وأن يكـف يده عن هيكلة القوات المسلحة، والتي شكلت أقوى الضربات لتلك القوى المتحنطة، وحين أيقنت تلك القوى بفشلها في إسقاط كل الجنوب والسيطرة عليه ما كان منها إلّا أن تجمع كل ما أوتيت من قوة ونفوذ وتتمترس في حضرموت المعقل الأخير لها ما قبل الهاوية، وهناك أُعطيت الأوامر لتنظيم القاعدة (حامي حقولهم النفطية) بالظهور وإثارة الرعب لبسط سيطرتها على أهم وأغنى محافظة في الجنوب ولكن هيهات هيهات لهم ذلك وبن ناصر وزير دفاع!!.

 

ولأن تلك القوى المتحنطة ظنت أن إسقاط الجنوب بأيديهم عبر تنظيمهم المسمى القاعدة سيحد من تقدم الرئيس وجناحه لكن أرتد عاقبة تدبيرهم وبالاً عليهم، فلم ينجحوا فيما أرادوا وخططوا له، بل انقلبت الآية، فساهمت تحركات الحوثي والتهديد بإسقاط صنعاء في تخفيف الضغط على الرئيس وجناحه مما أنتج معادلة جديدة على الأرض وهي أن إغراق الجنوب بفوضى القاعدة يقابله سقوط صنعاء بيد الحوثي، وفي هذا قلب لكل حسابات قوى الحرس القديم والتي لا شك أنها سترضخ ولو مؤقتاً لكل ما يطلبه الرئيس بدلاً من أن تخسر مكانها في الشمال والجنوب معاً. فهي تعلم جديداً تلك القوى ( قوى النفوذ ) ما يعنيه سقوط صنعاء بيد الحوثي وما يشكله من خطر عليهم جميعاً، فهم أمام أمرين أحلاهما مر الأول التمترس وجمع قواهم لمنع سقوط صنعاء بيد الحوثي وفي هذه الحالة ستواجه قوى الحرس القديم الحوثي بمفردها دون غطاء سياسي أو مساندة عسكرية كما حدث في عمران، والأمر الثاني الخضوع والانضوى تحت حكم الحوثي والتسليم له، ولا شك أنهم سيفضلون الأمر الأول وهو المواجهة والتمترس وهنا ستغرق صنعاء في الحرب والفوضى وسيتم البحث عن البديل القادم عنها. فهل تعي قوى الحرس القديم ما يعنيه ذلك؟

د: عبدالله محمد الجعــري.