الاخ رئيس الجمهورية، نعرف انك اصدق من أكثر ممن حولك، واحرص على بلدنا اليوم من مخاطر محدقة وحالة جنون لا تتيح امامك خيارات متأنية، عاقلة وحكيمة، ونعرف في نفس الوقت انك لا ترغب في سفك الدماء، وان اغلب من حولك يدفعك دفعاً الى خيار الجنون الدموي، لا انتصارا لمصلحة الوطن وحماية الجمهورية التى جعلوها مرادفة لمفردات الفساد والدموية وإنهاك الفقراء وحلب الدولة حتى آخر ضرع فيها، ونحن على ثقة انك ستسلك الطريق الآمن للخروج بالبلاد من ازمته الخانقة المتفاقمة، فهذا تحد آخر امامك لامتحان قدراتك ووطنيتك وحسن اختياراتك.
ألاخ عبد الملك الحوثي، وقف كثير من رجال ونساء هذا البلد الى جانب انصارك، هذا البلد المنكوب بأوغاده ومصاصي دمائه، وقفوا الى جانبك لمساندة موقفك الوطني والاخلاقي أمام جوقة الساسة، امام قرار حكومة غير مسؤولة تنفيذه يجعل من اغلب الشعب فريسة للجوع والقهر ومعاناة شظف العيش غير الرحيم بضعفائه.
لقد اعلنت بوضوح بان دعوتك للخروج ضد قرار الجرعة القاتلة، واسقاط الحكومة وتنفيذ مخرجات الحوار خروج سلمي وبالوسائل المشروعة وكررتها حتى دب فينا الممل لتصل رسالتك بوضوح دون لبس الى كل من به صمم، وحرصت على تبيان ان جمهوريتنا المحروسة لا خوف عليها ولا هم يحزنون، وبأن صنعاء محمية ولا سقوط يحيف بها.
ونشهد انك كنت صادق في دعوتك ورفضك الانصياع الى كل وسائل الابتزاز المقرف من قبل خصومك التاريخيين، ابتزاز وصل حد السقوط الاخلاقي المدوي، وقد كشفت حقيقة لا وطنيتهم امام الملأ.
اليوم نشعر ان الامور لا تبشر بخير من خلال المتابعة للتفاصيل المعلنة وغير المعلنة، فكما صار واضحا للعيان أن بارونات الحروب ومبشريها، قد طغى على خطابهم وعبر وسائلهم وادواتهم خطاب الحرب والتأجيج الطائفي حداً يصور الامر وكأنهم يدعون للذهاب الى نزهة دون حساب للنتائج الوخيمة على الوطن، ! فمتى كان الوطن حاضراً في حسابتهم وهم يشنون حروباً عدة لسنوات ضدكم في صعدة أو في الجنوب؟.
خطابهم اليوم يروع ويبتز الناس بمليشياتك من العنف القادم من طرفك، بينما هم قد حشدوا كل امكانتهم وامكانات البلد لتحقيق ما عجزوا عن تحقيقه في دماج وكتاف والخمري و عمران والجوف، اليوم تلوح لهم الفرصة الذهبية لاستخدام جيش الدولة ومقدراتها لتعبئة الرأي العام وكثير من البسطاء ضدك وضد انصارك ومسانديك في مواجهة عنيفة مباشرة مع الدولة،
كثير منا كنا ولا زلنا معك في تنفيذ المطالب الشعبية المشروعة طالما كانت بالوسائل السلمية واستمرت كذلك حتى اليوم، هذه المطالب التي تواجه اليوم بالتعنت والرفض وترمى انت بها كما صرح احد اعضاء اللجنة الرئاسية في استباق غير محسوب النتائج.
ان طلبنا اليوم منك هو ان تقبل بالتفاوض طالما وان خيار الحرب صار خيار مطروح امام رئاسة الدولة الذي تصر عليه كخيار وحيد وتحاصر الرئيس جهات محيطة به امتهنت العنف و الحروب كوسائل رخيصة لتحقيق أطماعها طالما وقودها الجنود والشعب المغلوب على امره.
كن واثقا بسلامة قرارك الوطني الصعب، صارح الناس بالخيارات المتاحة امامك على ضوء الممكن والمستطاع للحفاظ على السلم الاجتماعي وحقن الدماء، فسلمية وسيلتك ما عادت مقبولة أو مطروحة للتعاطي معها من قبل صقور السياسة كما تقول المشاهدات للمتأمل، فالبديل الدموي جاهز ومنتظر، والتحرشات لك ولانصارك جاهزة ومرتبة، فلا تنجروا لتكون انت وانصارك من يدفعون الثمن غالياً وهذا هو المقصود والمراد منذ زمن.
عليك اليوم بشجاعة واحتساب تفويت الفرصة اللعينة عليهم، كن أنت هذه المرة الطرف الذي يقبل ولو على مضض بالتراجع لتجنيب البلد مصير دموي يعلم الله مداه، اما هؤلاء المطبلون للحرب فليسوا اكثر من قارعي طبول، أما أنت فقد أرعبتهم وعريتهم بموقفك السلمي أكثر من جاهزيتك القتالية، كما يعري الخريف الشجر من اوراقه فأظهرت سؤتهم، لا تكابر ولن يلومك أحد فقد وضعوك اليوم امام لا خيارات سوى خيار الحرب، وسيهشد التاريخ بذلك، لا تلتفت الى اساليبهم المكشوفة التي راهنت منذ البداية على مكيافيليتك لتسفيه انحيازك الى جانب المطحونين في المطالب الثلاثة وكأنهم الطرف الزاهد والورع عبر السنين، بينما جشعهم للسلطة والاستحواذ ابشع من نهم أشعب للإقبال على الولائم، اقبل اليوم بشراكة سياسية ضامنة بعد ان كانوا بالأمس القريب فقط يقاومون بشدة وبصلافة مبدأ الشراكة الوطنية مع جميع القوى، وحركتك انت بالذات، وكأن اليمن مزرعة عائلية، بل ملكية برداء جمهوري توارثوها منذ اكثر من خمسين عاماً.
في الآخير نراهن على وطنية قرارك الآخير، وعلى حكمة الاخ الرئيس هادي المحشور بين خيارات صعبة، فكلاكما مدفوعان دفعاً من قبل قوى لامباركة الى معركة كسر العظم، معركة سيكون الخاسر الاكبر فيها هو الشعب المنكوب بتجار الاوطان والاديان والشعوب، وما أكثرهم حولنا.
والله من وراء القصد.
* أمل الباشا - سياسية يمنية وناشطة