علي محمد الصبان..مشروعاً ثقافياً لم يكتمل

2014-10-22 12:20
علي محمد الصبان..مشروعاً ثقافياً لم يكتمل
شبوة برس - متابعات - سيئون

 

علي محمد الصبان، رحمه الله..((1935م - 1974م))، كان مشروعاً ثقافياً، ثورياً، حداثياً قصُر به العمرُ أن يجعله ثابتاً في الواقع..فانزاح المشروع، وخابت الحداثة، ولم يبقَ في المشهد غير دعوات الدم، ونعيق الغربان، وثقافة الدخلاء [هجيناً ماسخاً من يسار دخيل، أو يميناً يُعلي راية الدم على الأشلاء]..رحم الله الغاليين الذين نذكرهم على المسحة الحنونة لهذا الرائع ومنهم صنوه [علي محمد فرقز]..الذي لم يبكي إلا في معدودات قليلة ومنها تلقيه خبر وفاة هذا الرجل..

 

نعم تحية وتقدير وعرفان لصاحب ((مكتبة الحياة)) بسيئون حضرموت، رائد الثقافة الحديثة في سيؤن.

 

 

لقد قام المثقف والناشر والصحفي/علي محمد الصبان، بما فشلت الدولة بالقيام به في سيئون، نعم لقد كان علي الصبان عاشقا حقيقيا للكتب والكتابة. وقد عمل مراسلا لصحيفة ((فتاة الجزيرة)) العدنية، في سنوات ما قبل الاستقلال الوطني لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، وفي الفترة نفسها أسس في عـــدن دار نشر علي الصبان وشركاه التي نشرت أعمالا متميزه لعدد من الأدباء والكتاب الكبار منهم حمزة لقمان، وعلي باذيب، وعبدالله سالم باوزير وغيرهم، وكان صاحب مكتبة الحياة في سيؤن، والمنبع الأول للثقافة الحديثة في وادي حضرموت والتي تمت مصادرتها (المكتبة) من غير وجه حق.

 

ويعد علي محمد الصبّان، من الشخصيات و الكفاءات الوطنية النادرة، واسعة الثقافة والرؤى والطموح، ذات مبادرات خلاّقة و نشاطات انسانية متعددة.. ظهرت في ستينيات القرن الماضي، و غُمِرت مع ما غمرته سياسات ونهج سلطة ما بعد الاستقلال وما بعد يونيو 1969م، وما وأدته من حماس الطلائع المدنية المثقفة، غير المسيّسة، الطامحة لبناء مجتمع معاصر ينافس العالم من حوله.

 

أنشأ الفقيد/علي محمد الصبان في عدن المزدهرة - حينذاك - مكتباً مرموقاً للمحاسبة القانونية ــ كعملٍ رئيس ــ خدم فيه العديد من خبراء الاقتصاد والمحاسبة الذين تبوّؤا فيما بعد مناصب عليا في الحكومة، كما أسس ــ خدمةً للعلم و الثقافة ــ ((مؤسسة الصبان للتوزيع و النشر))، تولّت طباعة مجموعة ثرية من أعمال كبار الأدباء ، كـ علي أحمد ـباكثير وباوزير وبن عبيد اللاه وغيرهم، كما تولت توزيع الكتب وأشهر المطبوعات والمجلات العربية التي تصدر في مصر و الكويت ولبنان و غيرها عبر مكتبة (الحياة)، كما أصدرت المؤسسة أول بطاقات بريدية سياحية بمناظر من حضرموت.

 

المرحوم/علي الصبان كان أيضاً رائد فكرة تأسيس الشركة الأهلية للسينما في مدينة بسيئون بحضرموت عام 1967م، كشركة مساهمة بلغ عدد المساهمين فيها (102) من أهالي المنطقة، تمّ تأميمها بعد عام واحد فقط من استكمال بناء دار السينما الذي جهّزته، و مازال الدار حتى اليوم مؤمّماً ــ رغم توقّفه ــ بيد الحكومة التي لا تريد تسليمه لأصحابه و لا تعويضهم عن سنين التأميم وممتلكاتهم.

 

كما شارك أخاه الأكبر، الأديب والمؤرخ عبد القادر الصبان باغريب، في انشاء أول مطبعة بسيئون في مطلع الستينيات، قامت هي أيضاً بطباعة بعض دواوين الشعراء رغم أنها كانت مجهزة لطباعة المستندات والمطبوعات الخفيفة فقط.

 

المرحوم/علي محمد الصبان "أبو حسين"، من مواليد مدينة سيئون بحضرموت عام 1935م، و استقر بمدينة عدن، و فارق الحياة مبكرا في جمهورية جيبوتي عام 1974م، مخلّفا حسين (القيادي التربوي حالياً في مكتب وزارة التربية و التعليم بوادي حضرموت) وثلاث بنات، و بصمات كبيرة لا تُمْحــى في المجتمع و الحياة الثقافية.

رحمه الله و غفر له وأسكنه الجنة و جزاه خير الجزاء..(الفاتحة على روحه الطاهرة)

 

د.مسعود عمشوش – أحمد فرقز - عدن المنارة