علي محسن الأحمر .. عسكري .. قبيلي – سياسي.. انحدر من سرعة الضوء .. ديكتاتور يصلي الفجر في المسجد .. جنرال مهاب لا يرجع إلى الوراء كل حساباته كانت دقيقة وبالآلة الحاسبة .. رئيس الرئيس .. وقائد الشيخ .. وضابط الوطن لما يزيد عن ربع قرن من الزمان.. ركب الخيل وشرب الكحل من عيون العذارى وسبح في مرافئ الملك والسؤدد وتغنى مع الطيور في الفضاء الرحب وحارب في كل الجهات..
التقت فيه شخصيات عدة فهو في المعسكر قائد وفي البيت الرجل الكريم في الزمن اللئيم وفي السفر الصديق الحميم .
علي محسن الأحمر .. ذهب حميري قديم قيمته ليست في وزنه لم يكن يحتاج إلى ضوء أو إلى رخصة قيادة أو جواز سفر كان بحاجة إلى لحظة صدق مع نفسه وإلى موقف صارم ضد الآنا المتضخمة وضد الجنون الداخلي وضد التهور القادم من الأعماق .
علي محسن الأحمر .. وأنت تكرهه لابد أن تحبه وأنت تحاربه لا بد أن تنصره وأنت تحكم عليه بالإعدام عليك ان تمنحه صك براءة .
علي محسن الأحمر .. ما كان يدرك أنه فات الاوان وأن حسابات الربح والخسارة فاتورة مؤجلة وأن ما تقدمه خلال فترة نصف قرن يأتيك خلال ثواني .. وأن الدهر يومان يوم لك ويوم عليك وأن الحياة نفق واحد وبصيص واحد وفرصة واحده.. سهم أنت قد تكون بريته بيدك.
علي محسن الأحمر .. يتألم مما أفرحة بالأمس ويبكي مما أضحكه وربما جراحة تنزف مما رقص له بالأمس.
علي محسن الأحمر .. غادر السلطة .. غادر الوطن .. غادر الفرقة .. غادر القبيلة .. غادر ذاته العظمية وترك الباب خلفه مشرعاً .. ترك أسئلة دون إجابة ترك ساعة الوطن على الحائط لقادم يضبطها.
علي محسن الأحمر أتى إلى السلطة متخفياً وغادرها متخفياً.
فكر في كل شئ إلا في التفكير نفسه وأصغى إلى كل الأصوات إلا صوته وتحدى كل من قابل حتى ذاته.
صحح ما هو خطأ ولم يصحح ما هو صواب هذب شاربه وطيب نظارته وعمل ربطة عنقه بأناقة لكن الوقت لم يمهله – وصلاة الاستسقاء التي دعا إليها ذات حديث متلفز أغرقت جميع الرفاق.
علي محسن الأحمر رجل نبيل لكن إذا عبرت حدوده سيقتلك كان ذلك عندما كان مساءه فجراً وشجرته مثمرة وقيثارته مزمار من مزامير داوود أتى إلى الحكم مصادفة وغادره مصادفة عاش بقلبين ولسانين و روحين ووجهين ووطنين وبدلتين وخاتمين ونظارتين.
علي محسن الأحمر .. تكتب عنه وأنت في حالة انبهار شديد فهو من سلالة نابليون فاتح ومحتل .. قائد ومستعمر .. قبيلي وسياسي قاطع طريق وأمين خزائن الأرض .. الليالي حبلى بالمفاجآت وعلاقة السلطة وسنوات الحب قد تمحوها لحظة واحده الحياة للعسكري هي مجموعة البطولات والانتصارات والنياشين التي على صدره لكنه لم يصنع تاريخا لذلك لم يحافظ على دفتر المذكرات التى كانت بحوزته .
علي محسن الأحمر .. اثنان في واحد.. طهره في أحداقه ونجاسته في أعماقه بدأ حياته متوسدا حجراً .. ثم ريش نعام ثم وطن ثم هو الآن يتوسد المنفى والطرقات والاحلام والكوابيس وحسابات البنوك الجارية والمجمدة..
مؤلم حين تتوسد الشقوق التي كانت على قدميك وأكثر إيلاماً أن تكون الذاكرة ممتلئة ..
علي محسن الأحمر..كان حلماً جميلاً لدى البعض .. وكان ساعة يد أنيقة .. صورة منحت الكثيرين الفخر والاعتزاز و هي معلقة على مكاتبهم.. مثل الشعور النبيل للمحرومين والمنسيين وكل القصار وكل الذين حملتهم سيول السياسة إلى مشارف البحر .
كان سيف من لا سيف له .. وبطل لروايات كثيرة ظل كتابها يبحثون عنه.
علي محسن الأحمر .. كسر القواعد وجعل الفصول الأربعة في اليمن سبعة .. رصيده كبير في البنوك وقليل في صدور الناس .. تلقائي متصلب .. يتناغم مع الاشياء .. سهل ممتنع .. قوي حد المكر وشجاع حد الغدر ..وكريم حد النهب ومؤمن حد الغرور.
علي محسن الأحمر.. كان وحيد القرن في اليمن لا يؤمن بالمشاعر ولا بالظروف ولا بالحتميات ولا بالسلوكيات ولا بالحيثيات ولا بمن فوقه ولا بمن تحته ولا بمن أتى به إلى السلطة ولا بمن أخرجه منها يؤمن بمنبه الساعة فقط..
علي محسن الأحمر.. تلميذ نجيب تجاوز أساتذته .. كل عاداته مكتسبة عسكري طموحه مدني .. قبيلي غروره عسكري .. ضابط بعده سياسي .. وطني وولاءه لنفسه ..
علي محسن الأحمر.. ظل القديس الأكبر لقرابه ربع قرن من الزمان كانت الرياح والشمس والحصان مسخرة له وكانت نوائب الدهر وشدائد الأيام لا تعرف الطريق إليه ..
علي محسن الاحمر خرق السفينة التى كان عليها فكان اول الغارقين ...!!!
* من صفحة : ثابت طه