عدن الحزينة.

2015-08-08 19:06
عدن الحزينة.
شبوة برس- خاص - كندا - برانت فورد

 

عدن ما مرت بها الاهوال والجوائح والشدائد الا وتجاوزتها وشمخت من بين الأطلال والركام وعادت بهية أمنة مطمئنة ، لكن هذا الهول الذي اجتاح عدن كان ضالعاً صادعاً عارماً وعميقاً ومخيفاً ،عمّق هذا الهول جراحاته وحز بسكينة في ملامح جمالها وفتونها وسحرها . عدن الفاتنة تشوهت وتمزقت وتصدعت واحترقت، وهي اليوم تلوذ وتستغيث بنا .

 

هذا المدينة الساحلية العالمية المتعددة الاعراق والصفات والحب والتراث والملامح هوت عليها مطارق الحقد تهدها الى عمق عمقها ،ونراها اليوم مرهقة باكية دامعة حاسرة ،لم تشهد عدن مثل هذا الغل والحقد والجنون الموغل بوحشيته، فلقد صدّعها ورّوعها واحرقها وسامها العذاب واوجعها في صميم الصميم.

 

تناثر وتحطم وتبعثر وأحترق الكثير من تاريخ عدن وارثها ومعالمها وسحرها بل روعوا انسانها الآمن المطمئن الذي عاش حياته في كنفها يرنوا الى سواحلها اللازوردية وسمائها الصافية البهية وفجأة حشد الكره طغيانه ووحشيته صوب عدن ، فهاجرت طيورها ونوارسها بعد ان اختنقت بدخان البارود وسموم الحقد وبشاعة الصرخة وحصار الموت .

 

اليوم عدن جريحة مهيضة الجناح كسيرة المشاعر ،اوغلت بها يد الاثم ففتكت بجمالها وليلها وساهريها وسهراتها ودفىء حاراتها وأنس ليلها وحنو اهلها، شردتهم يد المنون خلف الحدود وهم طيور تعودت على دفىء عش -عدن- قتلوا الامن في عينيك يا عدن وروعوا مشاعرك وحنوك وطمأنينتك وانت البريئة الصابرة المحتسبة .

 

ارى طيور عدن المهاجرة عادت ولكن ،وهم يهبطون في مَدْرج مطارها لمحت تلك التصدعات التي طالت ذلك المحيط ،دمار وأنقاض موحشة خرائب وركام واطلال، كما ولمحت الحزن والحسرات والألم والغصات في عيون طيورها العائدة التي غادرتها مجبرة بعد ان افزعتها وروعتها الكواسر وقناص ليلي توخى أمنها وسكينتها وصغارها ونسائها وأخيار أهلها .

 

اليوم علينا ان نتمسك بالحبيبة عدن ، نغدق عليها بالحنان والحب والطمأنينة والدفىء ونمنحها يقين حبنا بأننا لن نتركها بعد اليوم مساحة للوحوش الضارية وقطاع الطرق والقراصنة . عدن هي قلبنا وتراثنا ويقيننا وملامحنا والحاننا وأغانينا وذكرياتنا وكل تاريخنا وشرفنا .

 

أحيطوا عدن بحنوكم وبامنكم وبصدقكم ، وازيحوا عنها الرُهاب والأرهاب وأمنحوا عدن فرصة التقاط انفاسها وتضميد جراحاتها فلقد عاشت تتنفس البارود ودخان الحرائق وغبار الحقد والقصف . لم تسقط عدن ولكنها عانت ونزفت وتأوهت وحيدة مهيضة منكسرة ، وتقاوت اليوم على جراحاتها الغائرة وها هي تستند وتتوكاء على إيمانها وصبرها وتسأل الله ضارعة دامعة ان يزرع في قلبها الصبر وان تقوى على شدائدها و مصابها الجلل وخطبها العظيم .عدن ان نسيتكِ يا عدن نسيتني يميني .

 

* فاروق المفلحي - كندا