أبعاد تفجيرات عدن

2015-10-07 10:05

 

لن أناقش التفجيرات التي تعرضت لها مدينة عدن صباح الثلاثاء (٦/١٠/٢٠١٥م ) من زاوية أنها جريمة وإن من قام بها يعد جبانا وسفاحا ، ،  وما إلى ذلك فهذا العمل يأتي في إطار حرب شاملة تشهدها البلد ولا يراد لعدن أن تكون بعيدة عن أجوائها ولأن الحدث هو جزء من جريمة كبيرة هي الحرب المتواصلة منذ سبتمبر ٢٠١٤م (أو قل منذ العام ١٩٩٤م)، لكنني أتناولها من زاوية علاقتها بتوازن القوى في إطار ثنائية (الشرعية - الانقلاب).

 

فالحادثة تأتي لتؤكد جملة من الحقائق بعضها كنا قد أشرنا لها منذ يومين في منشور بعنوان "حضرموت وقاعدة صالح" وأهم هذه الحقائق:

 

١. إن التحالف الإرهابي متواصل ومستمر ومتكامل وإن ثعابين هذا التحالف التي يرقص معها صالح تتواصل في تنفيذ المهمات وتتناوب في القيام بالأدوار فحيث ينهزم ثعبان الحوثيين يحضر ثعبان داعش والقاعدة وأخواتهما وهو ما يعني أن الممول والموجه والمستفيد من الطرفين ، ولنقل الراقص مع الطرفين هو نفسه.

 

٢. إن الانتصار ودحر العدوان والغزو (اعني هنا في عدن ومحافظات الجنوب) لا يعني بالضرورة أن الخطر زال وانتهى بل إنه (أي الانتصار) ليس سوى البداية وإن تحديات حماية الانتصار بانتصارات أخرى هي أكبر بكثير من تحديات صناعة الانتصار.

 

٣. إن الأمن لا يمكن أن يحميه تلاميذ مدرسة صالح من رجال الأمن، فهذه المدرسة ربت تلاميذها على الرشوة والاتجار بالوظيفة والتعالي والعجرفة على البسطاء، والخنوع واللامبالاة تجاه المجرمين والمخربين وفي أحسن الأحوال الاستكانة والاسترخاء، دعك من أن غالبية المنتميين إليها ما يزالون يدينون بالولاء للراقص مع الثعابين، ، ، ،  والاتكال على كل هؤلاء في حفظ الأمن والتصدي للعدوان والتخريب هو خديعة كبيرة تقع فيها قيادة السلطة (الشرعية).

 

٤. إن التعامل مع المقاومة على إنها مجموعة من طالبي الوظيفة والباحثين عن لقمة العيش، وتعريض رجالها الأبطال للمهانة والبهذلة، عبر التلاعب بقضية استيعابهم في العملية الأمنية والعسكرية، هذا التعامل المهين قد حرم (السلطة الشرعية) من قوة جديدة جدا تتميز بالنزاهة والشجاعة والولاء الوطني والاستبسال والفدائية، وهذا يعني في المحصلة النهائية خصما من ميزان الانتصار ومكسبا للانقلابيين والعناصر المخربة والمرتزقة وتجار المبادئ.

 

٥. ومع إجلالنا للموقف النبيل لجنود وضباط دول التحالف المشاركين في حماية أمن عدن، لا بد من الإقرار أنهم لن يستطيعوا الاضطلاع بهذه المهمة المعقدة والشائكة دونما مشاركة فاعلة من أبناء عدن الذين يعرفون طبيعة البشر وميولهم وأمزجتهم وطباعهم، وطبيعة التعقيدات المتصلة بالملف الأمني.

 

على قيادة الشرعية أن لا تثق ثقة مطلقة بأنها قد حسمت المعركة، على الأقل في عدن، وأن تجابه التحديات الأمنية بعقلية أمنية جديدة ومنهاجية تكتيكية وفنية وعملياتيه جديدة يأتي في مقدمة ذلك أعادة بناء الجهاز الأمني بعيدا عن ثقافة ما قبل ٢٠١٥م وتطهير ما تبقى من جهاز الأمن من المرتشيين ومزدوجي الولاء وسيء السلوك والمتنقلين بين المرائد عبر التاريخ، صغر هؤلاء أم كبروا

 

والله من وراء القصد.