مأساة إبن طيار شهيد: بدأت بمقتل والده في طريق العند مرورا بوفاة والدته بالسرطان في الهند

2015-12-19 10:04
مأساة إبن طيار شهيد: بدأت بمقتل والده في طريق العند مرورا بوفاة والدته بالسرطان في الهند
شبوه برس - خاص - قرية الحمراء لحج العبدلية

 

لا ديباجة أبدأ بها الحديث ، لانه لاشيء على ما يرام ، ان تقضي عمرك الصغير في التضحية لأجل الوطن ، وحين تسقط ..تتألم من أعينهم التي ترى سقوطك وكأنها لم تراك ، تلك فصول مختصرة لبقايا حياة بائسة للطفل عدي طلال احمد شهاب ، عامين أسودين مرتا على الطفل عدي كضغط وزن الجبال وثقل الصخور الذي حملهما هذا الليث الهمام ، فمنذ سته اشهر أصيبت والدته بمرض السرطان اضطر للسفر بها الى الهند ، لانه الوحيد العائل لهذه الاسرة ، مواقف تتسابق على طفل لم يكمل من عمره العاشرة ، سافر عدي وأمه ودمعات الأسى ترتسم على خده حين انطلقت الطائرة مؤذنه بفراق ارض الوطن ، ذلك الوطن الذي ضحى فيه والده العقيد طيار طلال احمد شهاب بدمه .

 

فقبل عامين اغتالته يد الغدر والخيانة ظلماً وعدواناً لانه كان كادراً متميزاً في سلاح الطيران ، قصة كل فصولها يعصف بها الحزن ، قصة باختصار تجبرك على البكاء ، سافر الطفل عدي الى الهند بعد ان باعت امه ما تملك من مجوهرات واشياء ثمينه في بيتها ثمناً لعلاجها ... رغم انها زوجة الشهيد!! ، فلا عائل ولا مواس ولا تعويض ولا كافل لهم الا الله ، كيف لا يأسا عدي ولا يحزن وهو يفارق مسقط رأسه والأرض التي روى ترابها اباه الشهيد العقيد الطيار بدمه .

 

لقد كانت هذه الدمعات سلسلة مريرة بدأت بموت والده وما سيعقبها من اهوال يشيب لها رأس الكبير قبل الصغير ، سته اشهر وهو في اروقة المستشفيات في الهند هنا وهناك ووالدته على فراش الموت يلتهم جسدها السرطان، كل ما يملكونه من مال قد نفذ ، ولا معيل ولا كفيل ، وابنها طفلاً صغير لم يتجاوز العاشرة ، لقد فاضت روحها الى السماء ليس من السرطان فقط ، بل اكاد اجزم انها ماتت حرقة وكمداً على ما آلت اليه اوضاع اسرة الشهيد العقيد طيار!! ...

 

هنا عندما يضيع الوفاء لمن هم أهله ، لأسرة شهيد وطن وصل الى أعلى مراتب العلم ليخدم وطنه فخذله وطنه ، وخذلته حكومته ، وخذله كل الاقربون قبل البعيدون ... من اصعب مواقف الحياة ان يقابل الاحسان بالإساءة ، وان يتنكر لك من كنت تتوقع منه خيراً ،

صبراً على قدر الإله وإننا نرضى ونحمد ذلك التقديرا

لكنما العينان يجري ماؤها ويلوح من حر الصدور زفيرا

واهٍ لذكرى من أحب وأفتدي بالنفس تنبت من حشاه عديا

واه لطفل بائيس يرثى له اضحى وحيدا في الحياة يتيما

كيف لطفل لم تتجاوز عمره العاشرة ان يتصرف في هذه الاهوال العظام ، كيف له ان يسدد ما بقي عليه من فواتير المستشفى ، كيف له ان يتصرف ليكمل مراسيم دفن والدته وهو لا يملك من الامر شيء ... لكنها حكمه الله ، في ضل هذا الخذلان الكبير ، أتى من ينقذ الموقف وبصدفة عجيبة ، احدهم يتصل برجل الاعمال الشيخ علي غداوي الخليفي ، ليخبره ما يجري الآن في اروقة المستشفى ، ولم يتخاذل او يتأخر واتصل فوراً بالشابان الاخوان ناصر وفارس السامل الخليفي وهما يتواجدان في الهند ايضاً لتلقي العلاج لاحدهما ، ودلهما على المستشفى وليدفعوا كل التكاليف المتبقية وان يقوما بمراسم الدفن وكل ما يطلب القيام به ، التقا الشابان الطفل وعرفوا تفاصيل القصة بصعوبة بالغة وهو يتمتم بكلمات متقطعة باكية وانفاس تلهث بصعوبة ، وتمت مراسيم الدفن ، فشكراً يملأ الارض والسماء لمواقف انسانية تأتي فجأة لتنير جزء من حياة ظالمة أظلمت في وجهة الطفل عدي ابن شهيد الوطن .

 

لم تنتهي القصة بعد .. سيعود عدي الى ارض الوطن ، وقلبه معلق بين اليمن والهند ، مثقل بالآلام ومثخن بالجراح التي ادمت طفولته البريئة ، سيعود الى أرض موحشة مخيفة ، حيطان مهترئة في ارض بور فلا أب ولا أم ، ما ذنب هذا الطفل ، الى أين سيعود ، من سيأويه ، من سيحميه ، من سيرعاه ، من سيعلمه ، من سيكفله ... في آخر الكلام اقول ... ألا يستحق عدي الحياة ، فمن سيوهب اليه الحياة من جديد!! .

*من أحمد الهقل

*- للإطلاع على تفاصيل إغتيال والد الطفل : أضغــــــــط هنـــــــا