لا الجنوب انفصالياً ولا اليمن وحدوياً - د. حسين لقور بن عيدان

2012-08-31 20:29
لا الجنوب انفصالياً ولا اليمن وحدوياً - د. حسين لقور بن عيدان

الأميرمحسن بن فضل العبدلي

 

 

 

لا الجنوب انفصالياً ولا اليمن وحدوياً - د. حسين لقور بن عيدان

 

تعلمنا تجارب العالم والتاريخ ان الوحدات السياسية لها اهداف متعددة يختلط فيها السياسي والتاريخي والاقتصادي والاجتماعي ويسمو فوق كل هذه الاهداف المصلحة المشتركة للشعوب او الدول الداخلة في هذه الوحدات واذا حاولنا ان نختصر جزء من تلك الاهداف السياسية التي في الاول والاخير تكون عامل مؤثر وحاسم في تحقيق هذه الوحدات مع اخذ الاعتبار بالعوامل الاخرى فان من بين تلك الاهداف السياسية :

- تحقيق الاستقرار السياسي في هذا الاقليم او ذاك والتناغم مع الاهداف السياسية لحكومات الدولة الداخلة في هذه الوحدات.

- في مناطق النزاعات الناريخية والمزمنة تكون الوحدات السياسية وسيلة لمنع انتشار هذه النتزاعات وتأثيرها على كل دولة

- تخفيف الاعباء الدفاعية عن كاهل دول الدول وتحويل تلك الاعباء لصالح تحسين مستوى حياة مواطنيها.

اما على الصعيد الاقتصادي فهناك الكثير من المصالح للاطراف الداخلة مما يمكن تحقيقه في حال قيام تلك الوحدات ومنها:

- حرية حركة رأسمال واتساع رقعة الاسواق للمنتجات المصنعة في كل دولة وضبطها بتشريعات وقوانين تسهل لجميع مواطني الدول الداخلة في الوحدة السياسية الاستفادة من الفرص المتاحة في الدول الاخرى.

- تحسين مستوى معيشة الافراد و فتح فرص كبيرة للوظائف مع السماح للجميع بالعمل في اي مكان من مناطق تلك الدول.

- العمل المشترك  في مواجهة الازمات العالمية بصوت واحد وطريقة معالجة واحدة بدلا من مواجهتها كل دولة على انفراد.

- تقليل تكلفة الانتاج في الزراعة والصناعة والطاقة مع وجود اسواق اكبر ومراكز انتاج اكبر .

أما الجانب التاريخي والثقافي  في الوحدت فقد يلعب دورا انما ثانوي لان العواطف تغلب على التفكير من خلال هذا العامل وبالتالي لو استشهدنا بالوحدة الاوربية كمثال لوجدنا ان ما يفرقهم اكثر مما يوحدهم في هذه الجانب وكذلك الحال بالنسبة للجانب الاجتماعي فهم شعوب لا تجمعهم لغة ولا مذهب ديني واحد ( اذا قلنا انهم مسيحيون) وبالنالي فتلك امور ثانوية ليست الاساس في تلك الوحدة.

 

لو راجعنا ما يسمى تاريخ العمل الوحدوي في هذا البلد عبر التاريخ لاتضح لنا ان ايا من تلك العوامل الاساسية للوحدة لم يكن موجودا وما كان موجود هي محاولات الحاق وهيمنة وتفيّد من قبل طرف ضد اطراف اخرى كما كان حال تاريخ  الدول والممالك العربية الجنوبية التي حكمت المنطقة من سالف الزمان وتوسيع نفوذ الحكم والتي في حروبها ضد بعضها لم يكن الهدف وراء تلك الحروب بناء وحدات تحقق الاهداف المفترضة لاي وحدة وبالتالي فهي لا تختلف عن اي استعمار خارجي .

في التاريخ المعاصر لما يسمى بالعمل الوحدي لم يكن يظهر نشاطه الا بعد ازمات او حتى حروب ويرتفع الحديث عن الوحدة وكأن كل طرف وجد قميص عثمان ليرفعه  في مواجهة الطرف الاخر فكانت اول اتفاقيات وحدوية في 1972م بعد حرب شنها الشمال ودشنها رئيس الوزراء القاضي الحجري مطلع ذلك العام بشعار تحقيق الوحدة بالقوة ضد الجنوب بعد مقتل عدد من مشايخ الشمال على الحدود وخسرت الشمال تلك الحرب لتتم الوساطات وتوقيع اولى اتفاقيات في طرابلس في ذلك العام وهكذا نفس الحال بعد حرب 79م تجدد الحديث عن الوحدة وحصلت خطوات تنسيقية بعدها .

 كما ان المواجهة التي كادت تنفجر في 85م على حقول وادي جنة في بيحان محافظة شبوة تؤكد ما ذهبنا اليه , من هذا نستشف انه لم تكن هناك اهداف كبيرة ولا مستقبلية للعمل الوحدوي بين الشمال والجنوب.

في الجنوب لا شك ان التاثير القومي كان له فعله في تشكيل وعي الناس مما جعل بعض النخب تتبى الافكار القومية التي ساهم الرئيس عبدالناصر في خلقها في فترة الخمسيات والستينات وبالتالي انعكس على قبول الجنوبيين بفكرة وحدة الامة العربية والاسلامية وكان لا يخفى حتى على المستعمر ذلك الشعور فاضرابات العمال تضامنا مع التغييرات في الوطن العربي كانت حاضرة بقوة في النشاط السياسي للقوى السياسية الجنوبية ولذلك رأت بعض القوى السياسية في وحدة الاقليم جزء من وحدة الامة العربية ولم تكتشف خطأ تفكيرها هذا الا متأخرة.

وفي الشمال الذي كان يحكم من خلال هيمنة قوى سلالية مدعومة بقوى قبلية كانت ترى في ذلك المد تهديدا لمصالحها وحكمها وبالتالي لم تكن ترغب في امتداد هذا الوعي الى اوساط مواطني الشمال بل فرضت عليهم ستارا من التجهيل وقامت بمحاربة  اي قوى تنادي بالوحدة العربية بقوة.

لتأتي وحدة 90 في ظل تحفظ بل ممانعة القوى القبلية والدينية والعسكرية المتنفذة عليها ورفضها الباطني لها ولتقبلها على مضض ولتبدأ عملها من اليوم الاول لتمارس نفس السياسات التي مارستها الدول التاريخية  ( السبأية ) في هذه المنطقة من فرض نفوذها وحدها على مبدأ سياسة الاقوى هو من يفرض على الاخرين حكمه وسيطرته وتوجت بحرب 94م التي جسدت  التاثير السبائي في اساليبها وحضوره من خلال سياسة الهيمنة وما مورس في تلك الحرب وما بعدها الى اليوم من نهب وقتل واستئصال للخصم وما نقش النصر العظيم السبأي عنا ببعيد وفحواة ( قتلنا قرومهم وهدمنا حصونهم وأتلفنا زروعهم وسبينا ذراريهم ونسائهم الخ )

من هنا نقول ان الجنوب لم يكن انفصاليا ولا اليمن وحدويا وبالتالي لا بد من العودة الى شعب الجنوب ان كان ما زال لديه الرغبة في البقاء في وحدة سبائية او الخروج منها بسلام.