السعودية في معادلة السلام اليمنية

2016-11-07 14:00

 

قدم مبعوث الأمم المتحدة لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد واحدة من أهم إحاطاته لمجلس الأمن الدولي في الحادي والثلاثين من أكتوبر 2016م، وأهمية الإحاطة أنها جاءت بعد تقديم خارطة السلام الدولية لطرفي النزاع في اليمن، وما يمكن اعتباره مساراً سياسياً لوضع حل للأزمة اليمنية، وبرغم رفض الأطراف لخارطة الحل، فإنه من المهم الوقوف عند هذه الخارطة من الناحية التنفيذية والإجرائية.

تعتبر المبادرة الخليجية هي أنجح نموذج استطاعت الوصول باليمن إلى مراحل استقرار حقيقية ، فلقد تم تقديمها في 3 أبريل 2011م في وقت تحولت فيه العاصمة صنعاء لساحة حرب مفتوحة بين المتصارعين على السلطة في اليمن ، ونجح أمين عام مجلس التعاون الخليجي الدكتور عبد اللطيف الزياني منذ وصوله صنعاء في وقف إطلاق النار ثم تثبيت الأمن، وجاءت المرحلة الثانية بنقل السلطة السياسية من الرئيس صالح إلى الرئيس هادي، وبلغت المبادرة أقصى نجاحها بتدشين مؤتمر الحوار الوطني في 18 مارس 2013م.

 

عملت المبادرة الخليجية على المسارات الثلاث الأمنية والعسكرية والسياسية بتزامن وتراتب محدد ومراقبة لكل التفاصيل الإجرائية، بمباشرة من الدكتور الزياني وسفراء دول الخليج العربي، مما أوصل الفرقاء اليمنيين إلى أبواب مؤتمر الحوار الوطني بطريقة صحيحة، حتى استلمت الأمم المتحدة الآلية التنفيذية بحسب القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي وتم تعيين جمال بن عمر مبعوثاً عن الأمين العام ، كانت مهمة الزياني قد انتهت (عملياً) واستلم ابن عمر المهمة تاركاً الحوثيين يخرجون أمام عينيه من معقلهم في صعدة، ويسقطون دمّاج ثم عُمران والحديدة وذمار والعاصمة صنعاء، وأخضعوا المكونات السياسية للتوقيع على اتفاقية السِّلم والشراك، وقاموا بحصار منزل الرئيس هادي ونائبه خالد بحاح حتى أسقطوا الدولة كُلياً في 21 سبتمبر 2014م.

أعلن جمال بن عمر فشله مع انطلاق عملية «عاصفة الحزم» مُنهياً فترة مخيبة من العمل الدبلوماسي الذي أدى باليمن لمنزلق خطير وأحدث شرخاً سياسياً واجتماعياً ومذهبياً هائلاً إضافة لانهيار اقتصادي غير مسبوق في تاريخ اليمن جنوباً وشمالاً ، فشل الأمم المتحدة ليس حَصراً في أزمة اليمن الحالية، فلقد سبق وأن كان الأخضر الإبراهيمي سبباً مباشراً في حرب صيف 1994م ، والنماذج الأخرى لفشل المنظمة الدولية في سوريا والعراق وليبيا لا تخطئه العين .

 

خرجت عن دول الرباعية (السعودية والإمارات وبريطانيا وأمريكا) خارطة للسلام في اليمن، تُعد هذه الخارطة هي أفضل ما يمكن حالياً، وفي ظل معطيات الواقع الميداني للوصول باليمن إلى استقرار، وإنهاء للتمرد الحوثي بالانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وكذلك الانتقال السياسي للسلطة والاستفتاء على الدستور وإيجاد حل سياسي للقضية الجنوبية، هذه الخارطة بموجب نقاطها الأربع عشرة يمكن أن تؤدي لصياغة العقد السياسي والاجتماعي في اليمن، بعد مأساة اشترك فيها الجميع بدون استثناء، فالانقلابيون كبدوا البلاد قتلاً ونهباً، والطرف الآخر كبدَ اليمن عبثاً سياسياً وارتهاناً للمصالح الشخصية، في وقت لم يكن متاحاً فيه غير الانحياز للإنسان الذي ازداد بؤساً مع حكومة لم تستطع توفير الدواء والغذاء له، كل التحفظات حول خارطة الطريق مقبولة ويمكن التعاطي معها من خلال استعادة التجربة الخليجية الناجحة، بإشراف مباشر من شخصية توافقية تنبثق عن مجموعة الرباعية الدولية، على أن تتمثل في شخصية دبلوماسية سعودية بما تمتلكه الرياض من علاقاتها الواسعة مع كل اليمنيين، فالسعودية الجارة المعنية أكثر من غيرها باليمن تستطيع أن تقود الفرقاء ليستعيدوا معاً طريق الاستقرار وانتهاز الفرصة المواتية.