بعد الاحداث الاخيرة في اليمن وعلى ارضنا لايمكن ان يكون الحديث عن "الامارات " كما كان الحديث قبله .
كانت الامارات في الذهنية الجنوبية هي البلد العربي المتقدم والناعم بالسلام والازدهار والذي ينتمي حكامه الى نوعية من الناس تذكرك بحكايات العرب عن الشهامة وعن "حاتم الطائي" .
كان هذا البلد في ذهنية الطبقة المتعلمة ايضا مثالا للنهوض والانفتاح والانجازات الكبيرة في كل مناحي الحياة وفي التفاهم المثير للاعجاب بين حكامه.
لكن بعد الحرب الاخيرة والغزو الحوثي والتحرير وما تلاها لم تعد هذه الانطباعات هي فقط من ترسم صورة الامارات في ذهنية الجنوبيين مطلقاً.
على المستوى "القتالي " يحدثني نبيل القعيطي اللصيق بكل مراحل الحرب كيف كان ضباط اماراتيون في بداية الحرب واثناء وجود الحوثيين في عدن يتخذون من عمارة قريبة من بيت القائد اديب العيسي بالبساتين مقر لاطلاق صواريخهم الحرارية للدفاع عن المدينة وكيف تنقلوا بين كم بناية وماذا فعلوا هناك.
ويحدثني جندي شاب من كتيبة سلمان الحزم كيف دخل الاماراتيين ابين بدأية حملة تطهيرها وعندما قتل الجنود الاماراتيون بلغم في الطريق وكيف اختلطت الدماء الجنوبية الاماراتية.
تلا الحرب مراحلة الاغاثنة واعادة التعليم وكانت المدارس متضررة والاسر لاتجد قوت اليوم وعمل الاعماراتيين على اعادة ترميم المدارس وعلى ايصال ادوية السكر للمرضى والادوية الاخرى .
التهت الشرعية بالحرب في مارب وتعز وكانت الامارات تجمع العناصر الشابة المقاومة وتصرف عليهم في عصب الارترية او في راس عباس للتدريب وتكوين جهاز "الحزام الامني " بينما كانت عدن مقسمة وتقع بعض مدريتها تحت يد تنظيمات ارهابية.
صبرت الامارات على مشاكل المقاومة وصرفت ودربت وكونت ثم طهرت عدن ولحج وابين بالتعاون مع قيادات الجنوب التي اتت الى السلطة وهي تعرف ان ظهر الامارات خلفها.
اتخذت الامارات موقفا سياسيا قريبا من الجنوبيين وقضيتهم ولهذا شنت عليها حملات وتشن من قبل احزاب وقوى يمنية يهما ان يبقى الجنوبيين ضمن "املاكها" التاريخية .
شخصيا انظر الى الاماراتين في موقفين "استراتيجيين" شكلا ويشكلان ضامن كبيرا لتماسك الحياة في الجنوب وهما:
1) لو لم تتدخل الامارات لتحرير الجنوب
اعتقد ان سيناريو عدم تدخل الامارات لتحرير الجنوب من الحوثيين سيكون كارثياً بكل معاني الكلمة فالمقاومة البطلة كانت في حاجة الى هذا التدخل "الاماراتي تحديداً" فالخيارات الخليجية الاخرى كانت الزج بمنظمات غير مستحبة لمساعدة المقاومة والاكتفاء بالقصف الجوي والدعم بالمال والسلاح والشرعية والاصلاح موافقين على ذلك وهو ماكان سيجعل من عدن "حلب اخرى" ليس الا وهذا الوضع كارثي وسيناريو مرعب لولا الاصرار الاماراتي على التدخل المباشر وبجنودها وضباطها على الارض.
2)الاصرار الاماراتي على البقاء ومساعدة الجنوبيين
اتخاذ الامارات قرار استراتيجي بالبقاء والعمل وعدم التاثر بحملات التشويه واعمال العرقلة للتقدم من قبل الاحزاب والكيانات التي لايعجبها وقوف الامارات مع الجنوب يعد امر لايمكن لاي جنوبي يفهم الوضع صحيح ان يمرره دون شكر هذا البلد العربي .
فلو اتخت الامارات الان قرار وسحبت قواتها وسحبت دعمها لتمويل وتديب التشكيلات الامنية الجنوبية ودعمها السياسي للقيادة الجنوبية في السلطة وذهبت بجنودها وجهودها لترتاح في بلدها البعيد عن الحرب والحروب ما الذي سيترتب عليه ذلك ؟
لاتملك الشرعية تشيكل امنيا او عسكري واحد يمكن الاعتماد عليه لصنع استقرار حقيقي في الجنوب وان وجدت هناك معسكرات فهي بايدي قيادات اخوانية جنوبية وعندها سيصبح الجنوب لقمة سهلة للتنظيمات الارهابية وستنتهي كل المنجزات وستعود حتى مديريات عدن الى حكم الجماعات ولن تقوم الشرعية باي فعل غير "الذهاب الى الرياض".
هاتان الخطوتان في من الامارات في "التحيرير" وفي "استمرار في دعم الامن" هما في رايي ما لن انساه لهذا البلد العربي ولن ينساه اي جنوبي .
سيقول لي شخص اذا الامر بيد الامارات وان ذهبت سينهار كل شيء ؟ اقول له نعم لانه لا احد يعمل حاليا غيرها على الامساك بالامور فلا يدفع احد لرجال امننا غيرها ولا ينشأ احد معسكرات محترفة لرجال الامن غيرها ولا يوفر احد عربات واسلحة وتدريب لرجال الامن غيرها وحتى القوات العربية التي تدرب الامن تمون من الامارات .
لاتوجد موارد لبلدنا حاليا حتى نستقل بميزانيات الامن والصرفات المهملة للعسكر لهذا تقدم الامارات كل ذلك وتبقى وفيه للعهد وصابرة على الحملات .
كذلك وهذا الاهم الامارات تقف مع الحقوق الجنوبية ومساعدة للقيادات الجنوبية القادمة من الحركة الوطنية الجنوبية ولاترتبط الامارات بصلة مع الاحزاب والقوى اليمنية المعادية لتطلعات الجنوب وهذا امر يجب الاستمثمار فيه من الجنوبيين وليست خسارته .
*- حسين حنشي – عدن