لماذا أكتب عن الإمارات : الدولة العربية العصرية الخالية من الفساد المالي و الاداري

2017-03-12 02:47

 

أكثر من ثلاثين عام و أنا أتأمل بحزن شديد في شواهد و معالم مدينتي الحبيبة عدن ، شواهد المدينة الحضرية في خمسينيات القرن الماضي الادارية و الأمنية و الطبية و التعليمية التي شيدتها بريطانيا ، وكلما وقع بصري على تلك المباني القديمة المنظر الحديثة البناء في عهدها المنصرم أتخيل من قام ببنائها و شق و عبد طرقات عدن وزينها وهو من جعل من عدن درة المدن في الشرق الأوسط أنداك إلا وهو الاستعمار البريطاني ، لم أشاهد بعيني المجردة ذلك الاستعمار البريطاني الذي عمّر عدن كوني من مواليد 1971م ولكن كنت أحدث نفسي دائماً بأنني لو كنت من شباب أو رجال تلك الحقبة الزمنية لما ترددت دقيقة واحدة بالوقوف ضد المخربين من بعض ثوارنا الذين حرموا شعبهم من لدة العيش الكريم و حرية التعبير بما لا يتعارض مع معتقداتنا الاسلامية و قيمنا العربية الأصيلة .

 

الامارات العربية المتحدة تعتبر أنموذج للدولة العربية العصرية الخالية من الفساد المالي و الاداري بحسب تصنيف المنظمات و الهيئات الدولية ، الامارات دولة غنية بمالها و رجالها و شعبها المضياف الطيب الخُلق و السلوك ، كانت أولى زياراتي للامارات في عام 2008 حيث كنت أقوم بالاستيراد لبعض التجار من إمارة دبي و الشارقة من السيارات و قطع الغيار المختلفة ، زرت سابقاً جمهورية مصر و السعودية وعندما وصلت أبوظبي ودبي و الشارقة و عجمان حقيقةً إنبهرت بذلك البلد العربي إدام الله عزه و رفعته لحكامهم و شعبهم ، ووجدت بأنه لا وجه للمقارنة بين تلك الدول العربية و دولة الامارات في شتى المجالات ، وجدت الامارات حالة فريدة من نوعها من حيث النظام الاداري و القانوني الصارم على الكل المواطن قبل الزائر و المقيم ، لم أرى تلك المواكب المستفزة للشيوخ و الحكام الكل يخضع للقانون دون إسثناء ، لا وساطات ولا رشوات ولا محسوبيات ولا محاباة ، حكام و شعب يتعايش بسلام و إحترام مع أكثر من خمسين جنسية ولون و عرق و دين ، الامارات كانت سباقة منذ عشرات السنين بتجنيس المقيمين من اليمنيين وغيرهم من العرب و العجم وكانت تعتبر أسهل دولة خليجية بسن قوانين التجنيس ، شعبهم طيب و متواضع و يحب بناء العلاقات الاجتماعية .

 

بعد ذلك السرد للحقائق عن الامارات ، نتفاجأ قبل عامين تقريباً بأننا كنا قاب قوسين أو أدنى من عهد العبودية والطائفية و المناطقية بأبشع صورها وذلك عندما شنت علينا تلك الحرب الظالمة من قبل المليشيات الحوثي عفاشية و أظلمت الدنيا في أعيننا في عدن و الجنوب و قلنا سيقف العالم كعادته موقف المشاهد لمآساتنا مثلما وقف سابقاً في مآساة أشقائنا السوريين و الليبيين و العراقيين و كلنا كان يتخيل تلك السيناريوهات المظلمة المخيفة و ضياع ديننا و أرضنا و كرامتنا للأبد لو نجح ذلك المخطط الشيطاني .

 

وبعد إعلان الحرب علينا و إكتساح أراضي الجنوب و الوصول إلى عدن خلال أيام معدودة هرب الرئيس هادي كعادته و هرب أغلب مسؤولينا و تجارنا و كبرائنا و تركونا لوحدنا نواجه مصيرنا المجهول المأساوي ، حتى قبائلنا و جنودنا و ضباطنا وقفوا موقف المتفرج من ذلك الغزو إلا القلة القليلة من الشرفاء .

 

شهادة لله ثم للتأريخ أول من وقف ضد ذلك الغزو الطائفي المناطقي هو الشيخ هاني بن بريك والأخوة السلفيين في عدن و الجنوب وغيرها من المناطق أما الآخرين كانوا يقولون لا تعنينا هذه الحرب ولكن بعد التدخل المباشر للتحالف العربي كثيرون غيروا من مواقفهم السلبية السابقة و أنخرطوا في الدفاع عن الوطن .

 

كنا في هم وغم و كربة لا يعلم حجمها غير الله عز وجل وفجأة سمعنا بطائرات التحالف العربي الذي تدخلت لإنقاذنا وكبرنا وهللنا بتلك المساعدة التي أخرجتنا من عنق الزجاجة و أعادة لنا الأمل الذي كان على وشك الضياع للأبد ، معلومات مؤكد أن أولى الضربات الجوية التي أنقذتنا في عدن و الجنوب هي من طائرات إماراتية أما الطائرات السعودية وغيرها كان مسرح عملياتها في المناطق الشمالية و الحدود السعودية ، أنقذتنا الامارات بطائراتها و أسقطت لنا السلاح من الجو و كسرت سفنها الحصار لإطعامنا و جازفت بالدخول إلى ميناء الزيت بالبريقة و المليشيات تقصفها لاغراقها و لتجويعنا و تخلى عنا أقرب الناس إلينا وهي الدولة العربية و العالمية الوحيدة التي وقفت معنا في الشدائد و المصائب والأزمات ، و حررتنا بطائراتها و سلاحها و دباباتها و مدرعاتها و جنودها الذين شاركونا حربنا ومنهم من أستشهد و جرح من الجنود الإماراتيين في عدن ، وأعادو تأهيل المدارس و المستشفيات و الكهرباء و المياه و النظافة و المطار وغيره لتطبيع الحياة في عدن و الجنوب ، بعد تلك الوقفات الإماراتية المشرفة معنا يأتي اليوم جاحد للجميل أو حاقد على نصرنا أو طامع بكرسي السلطة أو هارب ذليل ليشتم الامارات و إين في عدن و الجنوب وليس في صنعاء أو صعدة شيء مؤسف و محزن للغاية ، لسنا كلنا جاحدين ولا ناكرين و أتكلم هنا بصفتي الشخصية و نيابة عن كل مواطن أو مسؤول شريف ضعيف يشاطرني نفس الرأي و التوجه ، يكفي مهازل ، لن نحمّل الامارات مسؤولية الخدمات المتعثرة التي هي من صلب مسؤولية الرئيس هادي و حكومته الفاشلة ، لم ولن أنتقد الرئيس هادي و حكومته كأشخاص أو الدخول في خصوصياتهم مطلقاً ، إنتقدت و سأنتقد الأسلوب الفاشل لإدارة الدولة و إنعكاس ذلك على تردي الاوضاع الأمنية و المعيشية و الاجتماعية للمواطن الذي كان يأمل بأن تقدر تلك القيادات الحكومية الشرعية تضحياته الكبيرة .

 

يامن تُحمّلون الامارات مسؤولية إطعامكم و مشربكم و علاجكم و تزويدكم بالكهرباء إلى أجل غير مسمى ألم تتساءلوا يوماً بأنكم تمتلكون ثروات و أموال تسرق ليل نهار أمام أعينكم ، أين أموال محافظة مأرب الشرعية النفطية والتي لا تورد لخزينة الدولة في عدن و أين ديزل مأرب من تمويل كهرباء عدن و أين أموال شحنات النفط الثلاثة مليون برميل التي بيعت بأكثر من مائة وخمسون مليون دولار من ميناء الضبة بحضرموت و أشترى الرئيس طائرته الرئاسية من أموال الحضارم واليوم حضرموت تمتنع هي الاخرى عن تزويدنا بالنفط وهي محقة فضربتين بالرأس توجع ، وفجأة يصرح رئيس الوزراء بن دغر بعد لقائه بقيادات كهرباء عدن بأن لديهم أموال لشراء طاقة كهربائية من الشركات المؤجرة الخاصة ، فجأة أصبحنا نمتلك مئات الملايين من الدولارات و رئيس الوزراء يوجه بإعداد مناقصة خلال ثلاثة أيام ليقره في إجتماعه القادم على وجه السرعة ، يعني أن الحكومة تمتلك أموال أجنبية بس تريد إستنزاف الامارات مالياً كنوع من أنواع الحرب و التطفيش .

 

كرمني الهلال الاحمر الاماراتي نظير إسهاماتي في مساعدته لإغاثة شعبي و بناء وطني و تكريمه وسام شرف سأعتز به ماحييت ، سأكتب عن إمارات الخير حتى لو جف حبر قلمي و سأجعل من دمي حبراً ، وساكتب عن الامارات حتى لو تمزقت صفحاتي من شدة الكتابة ، سأكتب عن إمارات الخير لأقول لحكام و شعب الامارات هنا في عدن و الجنوب من يثمن و يقدر تلك التضحيات و المعونات و الهبات ، سأكتب عن إمارات الخير فديّنهم كبير على رقابنا و أرضنا ، سأكتب عن إمارات الخير حتى لو لم يتبقى أحد سواي يكتب .