معركة ‘‘الإصلاح‘‘ في الجنوب... لا غيره

2017-06-28 23:13

 

عبثاً يحاول الإصلاح وناشطوه أن يقنعوا الناس بأنهم يحاربون الإنقلاب، في حين أنهم لم يثبتوا فعلاً أنهم خصوم حقيقيون للحوثي وصالح، إلا في جزئية الهروب والتشرد والفرار من الإنقلابيين إلى ما وراء الحدود، وتحديداً في بلاد اللجنة الخاصة وفنادق اسطنبول.

 

عسكرياً، لم تثبت الجبهات التي يقودها، أو بالأصح يتولى إداراتها «الإصلاح» جديتها في القتال. وخلال عامين ونصف عام من الحرب الباردة في هذه الجبهات، لم تحقق أي منجز عسكري حقيقي باستثناء إعداد جيش حزبي جرار في مأرب، ينفق عليه التحالف من المال والسلاح ما يكفي لتحرير فلسطين، وإغراق إسرائيل في البحر إذا ما وجهت هذه القوة صوب تحرير بيت المقدس.

 

وعلى شاكلة العسكر، بدورهم حقوقيو وناشطو وإعلاميو حزب «الإصلاح» لا يبدون مهتمين بإدانة الإنقلاب وفضح ممارساته التي يشكون منها، ولم يسعوا لفضحها أمام المجتمع الدولي قدر انشغالهم بإدانة عيدروس الزبيدي وبن بريك وشلال شايع ومعهم دولة الإمارات.

 

وفي سياق حرب «الإصلاح» وناشطيه هذه، تعالت مؤخراً أصوات منظمات «الإصلاح» الحقوقية الممولة من قطر وهي تتحدث عن السجون السرية التي تشرف عليها الإمارات في عدن وحضرموت، وهو ما نفته وزارة حقوق الإنسان في اليمن سريعاً، بعدما زار وزيرها، محمد عسكر، مع وفد من الصليب الأحمر الدولي عدداً من السجون في عدن.

والكارثة الحقيقية أن هنالك وزراء في الحكومة الشرعية من الموالين لـ«الإصلاح» وقطر قالت «هيومن رايتس ووتش» إنهم وجهوا تهماً للإمارات بنقل سجناء إلى خارج اليمن، وهو ما يعني انشغال جزء من الحكومة بإدانة الحكومة والعمل على إحراج أبرز الداعمين لها في مواجهة الإنقلاب وهي الإمارات، التي لو قررت الإنسحاب في لحظة لوقع هؤلاء في شر أعمالهم، وانتهت آمالهم حتى في حكم وادي عبيدة في مأرب.

 

ليس دفاعاً عن الإمارات، ولا عن قيادتي عدن وحضرموت، لكن السؤال: لماذا تتسع حدقات أعين منظمات «الإصلاح» الحقوقية حتى رأت السجون السرية والمخفيين قسرياً في عدن وحضرموت، لكنها عميت عن رؤية أكثر من 120 معتقلاً وسجناً سرياً ومعلناً للحوثي وصالح في المناطق التي يسيطرون عليها؟

لماذا لا يتحرك حقوقيو «الإصلاح» والمنظمات الممولة من قطر لنجدة 14 ألف معتقل في السجون الحوثية، بالإضافة إلى 3000 مخفي قسرياً، في حين تحركوا جميعاً مدعين وجود العشرات من المعتقلين والمختطفين في عدن وحضرموت؟ ولو أنها فعلت ذلك مع الجميع انطلاقاً من واجبها الإنساني لكانت موضع تقدير غير متناه.

 

لا يستطيع «الإصلاح» أن يخفي حقيقة أن حقده وحماسه للقضاء على خصومه السياسيين في الجنوب ومن خلفهم دولة الإمارات، يتجاوز حقده وحماسه للقضاء على انقلاب الحوثي وصالح، وأن انشغاله بالدفاع عن وهم الوحدة يتجاوز انشغاله بمحاربة من كان يصفهم بأحفاد الإمامة، بل هو مستعد للتحالف مع الأخيرين لحماية مصالح ونفوذ قيادته في الجنوب، والموزعة بين أراض شاسعة وحقول نفط وشركات استثمار ومنافذ تهريب في البر والبحر..

 

إن الحقيقة المرة التي يتجاهلها «الإصلاح»، رغم كونه حزباً منظماً ويعمل بدهاء، هي أنه بتصرفاته المدفوعة بدوافع الحقد والقلق على مستقبله في الجنوب تجعله حزباً متخبطاً وغير متوازن، وهو يحارب من يسانده ويدعمه ويوفر له المأوى في الجنوب، في مقابل تخليه عن معركته الحقيقية عسكرياً وحقوقياً وسياسياً ضد من أخرجه من دياره وشتت به في أصقاع الأرض.

 

والحقيقة الأكثر مرارة لهذا الحزب أن قطاعاً واسعاً من اليمنيين في الشمال قبل الجنوب باتوا متأكدين حد اليقين أن هنالك علاقة خفية بين «الإصلاح» والحوثي، تجعل من شعار الحرب الذي يرفعه «الإصلاحيون» باسم إسقاط الإنقلاب ليس سوى كلمة حق يراد بها الحصول على المزيد من المال والسلاح، في حين أن المعركة الحقيقية لـ«الإصلاح»، كما هي للحوثي وصالح وكل القوى النافذة في الش مال، جهتها الجنوب، وستستهدف كل رجاله وقادته، ومعهم من يساندهم أو يمد  لهم يد العون.