الدغاري : أحد كوادر محافظة شبوه يشخص أمراضها

2017-07-16 08:46

 

طالما عاننينا من مشاكل كثيرة ربما ساهمنا في تعميقها بأيدينا، وطالما ظل التعليم وانظمته متأخرة وقاصرة، وطالما ظلت الأنظمة الإدارية قاصرة أيضاً، وطالما ظلت التنمية والعجلة الاقتصادية معرقلة وشبه متوقفه، وطالما عانت بعض المحافظات أن لم تكن كلها من المشاكل القبلية والمناطقية والتناحر بين ابناءها، وغيرها من المشاكل التي لا تخفى على أحد ولاداعي لشرحها هنا في هذه العجالة لاننا اليوم نحتاج إلى وضع التصورات والحلول اكثر من اي وقت مضى. وهذه المعاناة التي نعيشها اليوم بلا شك جاءت كنتيجة للوعي الجمعي للمجتمع ككل وإلا لما وصلنا إلى هذه المرحلة من الأساس. 

 

في البداية أحب أن أؤكد على مبدأ هام لا بد منه حتى ننطلق إلى مستقبل أفضل وحياة اكثر جودة، وهو تنمية وبناء الانسان، ووضع الانسان كمحور للتنمية وخصوصا الجيل الصاعد، ولابد ايضا من الحفاظ على تراثنا؛ لأنه الأصل والجذور، وعلينا أن نتمسك بأصولنا وجذورنا العميقة في صيغة ومعادلة موزونة من خلال مواكبة العصر الذي نعيش فيه ومن خلال استجرار القيم والمبادئ الاصيلة التي ستمكنا من بناء مجتمع متزن وقادر على تحقيق تطلعاته وما يصبو إليه.

 

ونحن في خضم السعي لبناء دولة، نجد أن ان أخطر المشاكل التي تعيق و ضع اللبنة الاساسية هو الفساد المالي والاداري والذي استشرى كالسرطان في جسم المجتمع، ويؤلمنا كثيرا ان نجد انه قد اصبح او يكاد جزءا من ثقافة المجتمع وعقلية الناس، وهذه واحدة من اكبر العوائق التي تعرقل مشروع بناء الدولة، فضلاً عن مشاكل أخرى عديدة زرعت في المجتمع كالتعصب والمناطقية المنتنة.

 

ونحن أمام مشاكل مركبة ومعقدة جدا كهذه، أرى اننا ينبغي ان نبدأ من الاسفل إلى الاعلى من الفرد إلى الجماعة من الاسرة إلى المجتمع، وهذه العملية لا بد ان تبدأ من الاسرة والمسجد والمدرسة، وبناء جيل يشجع النزاهة والدقة والامانة والمصداقية والاخلاص والاتقان. أن اتقان العمل والاخلاص في أداءه قيمة عظيمة يشجعها ديننا الحنيف في الوقت الذي غفلنا فيه عنها، ولهذا السبب فقدنا معاني النزاهة والصدق والامانة واعنا ارباب الفساد والفوضى على نشر ثقافتهم الضحلة والتي تدمر قيم الناس ومبادئ دينهم القويم. وديننا حافل بالقيم العظيمة لكننا غفلنا عن جوهر هذه القيم، والله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه: " إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم" [الرعد:11].

 

ليس غريبا ان نهتم بمراجعة وتقييم الواقع واداء بغضنا البعض، لكننا لا يجب ان ننسى ان نقيم انفسنا في نفس الوقت وان نبدأ في عملية إصلاح الواقع ابتداءاً من انفسنا، فإصلاح الجزء سيقودنا إلى إصلاح الكل والعكس صحيح، ولذلك نجد ان إصلاح الفرد وإصلاح الكل هما خطين متوازيين ومن الخطورة إهمال أحدهما على حساب الآخر.

 

لا أحد معفي من المسؤولية أمام الله وامام التاريخ، فالكل ينبغي عليهم التعاون والتكاتف في صف واحد من أجل مجتمع افضل، وكلا حسب قدرته على التأثير في الواقع المحيط به، والمسؤولية بكل تأكيد تختلف من شخص إلى آخر حسب موقع كل شخص، لكن الجميع في الاخير يتحملون جزء من المسوؤلية، ومن خلال هذا المقال أحب ان اوجه رسالة إلى ابناءنا الشباب للتعامل مع كل القضايا والمستجدات من حولهم بعقل وبحكمة وتمييز الغث من السمين، مع ثقتنا الكبيرة بمستوى وعيهم وقدرتهم على تمييز ما فيه مصلحتهم ومصلحة اهلهم ووطنهم ودينهم، كما أدعو جميع الشباب إلى استغلال المعارف التي كسبوها من خلال التعليم ومن وسائل المعرفة المتاحة امامهم اليوم في عصر التكنولوجيا في سبيل مصلحة مجتمعهم والتأثير في محيطهم بصورة إيجابية

 

*- كتب/ أحمد صالح الدغاري

وكيل محافظة شبوة

[email protected]