حكاية فأر عدن !

2017-08-20 08:38

 

كان اللعاب يسيل من فم الفأر وهو يتجسس على صاحب المزرعة وزوجته، وهما يفتحان صندوقا أنيقا ويمنِّي نفسه بأكلة شهية لأنه حسب أن الصندوق يحوي طعاما، ولكن فكه سقط حتى لامس بطنه بعد أن رآهما يخرجان مصيدة للفئران من الصندوق واندفع الفأر كالمجنون في أرجاء المزرعة وهو يصيح لقد جاؤوا بمصيدة فئران.. ‏يا ويلنا!

 

هنا صاحت الدجاجة محتجة:‏ اسمع يا فرفور، المصيدة هذه مشكلتك أنت فلا تزعجنا بصياحك وعويلك، ‏فتوجه الفأر إلى الخروف: الحذر، الحذر، ففي البيت مصيدة، ‏فابتسم الخروف وقال: يا جبان يا رعديد، لماذا تمارس السرقة والتخريب طالما أنك تخشى العواقب، ‏ثم إنك المقصود بالمصيدة فلا توجع رؤوسنا بصراخك، وأنصحك بالكف عن سرقة الطعام وقرض الحبال والأخشاب.

 

هنا لم يجد الفأر مناصا من الاستنجاد بالبقرة التي قالت له باستخفاف: يا خراشي، في بيتنا مصيدة ،‏ يمه الحقيني، يبدو أنهم يريدون اصطياد الأبقار بها. هل أطلب اللجوء السياسي في حديقة الحيوان ؟؟

 

عندئذ أدرك الفأر أن سعد زغلول كان على حق عندما قال قولته الشهيرة (مفيش فايدة)، ‏وقرر أن يتدبر أمر نفسه، وواصل التجسس على المزارع حتى عرف موضع المصيدة، ونام بعدها قرير العين، بعد أن قرر الابتعاد من مكمن الخطر ‏وفجأة شق سكون الليل صوت المصيدة وهي تنطبق على فريسة، وهرع الفأر إلى حيث المصيدة ليرى ثعبانا يتلوى بعد أن أمسكت المصيدة بذيله، ثم جاءت زوجة المزارع وبسبب الظلام حسبت أن الفأر (راح فيها)، وأمسكت بالمصيدة فلدغها الثعبان، فذهب بها زوجها على الفور إلى المستشفى، حيث تلقت إسعافات أولية، وعادت إلى البيت وهي تعاني من ارتفاع في درجة الحرارة.

 

‏وبالطبع فإن الشخص المحموم بحاجة إلى سوائل، ويستحسن أن يتناول الشوربة (ماجي لا تنفع في مثل هذه الحالات) وهكذا قام المزارع بذبح الدجاجة، وصنع منها حساء لزوجته المحمومة، وتدفق الأهل والجيران لتفقد أحوالها، فكان لابد من ذبح الخروف لإطعامهم.

 

ولكن الزوجة المسكينة توفيت بعد صراع مع السموم دام عدة أيام، وجاء المعزون بالمئات واضطر المزارع إلى ذبح بقرته لتوفير الطعام لهم.

 

أود أن أذكر بأن الحيوان الوحيد الذي بقي على قيد الحياة هو الفأر، الذي كان مستهدفا بالمصيدة، وكان الوحيد الذي استشعر الخطر، ثم فكر أيها القارئ في أمر من يحسبون أنهم بعيدون عن المصيدة فلا يستشعرون الخطر بل يستخفون بمخاوف الفأر الذي يعرف بالغريزة والتجربة أن ضحايا المصيدة قد يكونون أكثر مما تتصورون أن (الشر بره وبعيد).

 

هنا كانت المصيدة. فالذين يفكرون أنهم بعيدون من المصيدة ولا يستشعرون الخطر هناك سيكونون أول فرائس للوحوش القادمة إلى العاصمة عدن، بل سيكونون وجبات سائغة لهم أيضا سيلقون حتف أجسامهم أشلاء مقطعة، وسيتمنون لحظة واحدة لكي يروا عدن ما عم فيها من أمن من بعد تلك التضحيات التي قدمها أبناء شعب الجنوب لصد كل من يحاول اصطياد صناع أمن واستقرار عدن وشبابها الأبطال.

 

لا تفكروا أن الجنوب سيكون فريسة لهم.. فلنتعلم ما حصل مع أصحاب الحديقة هذه، بعدها سنفكر من سيصبح فرائس الصياد الاصطناعي.

 

سفيان علي الحنشي / الضالع